فقارن أيُّها
القارئُ بين العبارَتينِ تَجِدْ أنَّ المؤلِّف زادَ من عندِه كلمَة: «أيْ بغيرِ
قصد التذكية»، وحذفَ من كلامِ ابن العربيِّ جملةً تبدأ من قوله: «بالنَّصِّ» إِلَى
قوله: «وهو حرامٌ علينا» ولعلَّه فعل هَذَا ليزيلَ ما في كلامِ ابن العربيِّ في
الموضعين من التَّناقُضِ الواضحِ حتَّى يبني عليه فتَواهُ بإباحةِ ما ذُبِحَ بالصَّعقِ
الكهربائيِّ وإن كان على غيرِ الذَّكاة الشَّرعيَّة.
الوجْهُ الثَّاني: إنَّ كلامَ ابن
العربيِّ هَذَا متناقضٌ غاية التَّناقضِ، فتارةً يعتبر ما أكلَه أهل الكتاب وقد
ذُبِحَ على غير وَجهِ الذَّكاةِ ميِّتةً حرامًا كالخنزيرِ يحرُمُ علينا أكله، وهذا
اعتبارٌ صحيحٌ يتمشَّى مع الأدلَّة الشَّرعيَّة، ويدخلُ فيه ما مات بفتلِ عُنقِه
دُخولاً أوَّليًّا، وهو أيضًا قد فسَّر المُنخنقةَ الَّتي حرَّمَ اللَّهُ علينا
أكلها بتَفسيرٍ يشملُ ما فُتِلَ عنقُه حيثُ قال: «والمنخنقة: فهي الَّتي تخنق
بحبلٍ بقصدٍ أو بغيرِ قصدٍ أو بغيرِ حبلٍ». وهذا يبطل الكلمة الَّتي زادها
القرضاويُّ، وهى قوله «أيْ: بغيرِ قصدِ التَّذكية». ثمَّ ينقضُ ابن العربيِّ
كلامَه الأوَّل بكلامه الثَّاني فيقول: إنَّه يباحُ لنا ما فتلَ عنقه
النَّصرانيُّ، وصار طعامًا له ولأحبارِه ورُهبانِه، وإن لم يكن هَذَا ذكاةً عندنا!
فأيُّ قوليه أولَى بالاعتبارِ؟ لا شكَّ أنَّ الأولى بل الواجبُ اعتبارُه ما وافق
الدَّليلَ وهو القولُ الأوَّلُ. وأمَّا القولُ الثَّاني فهو خطأٌ لا يُتَابَعُ
عليه.
والمؤلِّفُ في
أوَّلِ كتابِه يقول: «لم أرْضَ لعقْلِي أنْ أقلِّدَ مذهبًا معيَّنًا في كلِّ
القضايَا والمسائِلِ أخطَأ أو أصابَ»، فما بالُه هنا يغِيبُ عن ذهنِه هَذَا القولُ
ويقلِّدُ ابن العربيِّ في قولٍ خطأ؟ قولٍ متناقضٍ متهافتٍ! ويبني عليه فتواه
بإباحةِ ما تكون تذكِيَتُه بالصَّعقِ الكهربائيِّ؟