وقال ابنُ قدامة في
«المغني» مبيِّنًا محلَّ الذَّكاة: «وأمَّا المحلُّ فالحلقُ واللّبةُ، وهي الوهدة
الَّتي بين أصْلِ العُنقِ والصَّدرِ، ولا يجوزُ الذَّبح في غيرِ هَذَا المحلِّ
بالإجماعِ». ا هـ. هَذَا المفهومُ الصَّحيحُ للذَّكاةِ عندَ علماءِ المُسْلِمِينَ
لا ما ذَكَره المؤلِّفُ.
الوجْهُ الرَّابع: إنَّ فتوَى
المؤلِّف بحلِّ اللُّحومِ المستوردةِ ممَّا قد تكُون تذكيته بالصَّعقِ الكهربائيِّ
ونحوه فتوى باطلة؛ لأنَّ هَذِهِ الذَّكاة غيرُ شرعيَّةٍ. ولو ذكَّى مسلمٌ بهذه
الكيفيَّة ما حلَّت ذبيحتُه فغيرُ المسلمِ من بابِ أولَى، لأنَّ هَذِهِ الكيفيَّة
لا تتوفَّر فيها الشُّروطُ المشترطة في الذَّكاةِ.
وهذه الفتَوى
مبنيَّةٌ على قولِ ابن العربيِّ الآخرِ، وقد بيَّنَّا ما فيه من التَّناقضِ
والبطلانِ.
قال الشَّيخُ عبدُ
اللَّهِ بن عبد الرَّحمن بن جاسر في «منسكه» (2/ 219) على قولِ الفقهاءِ: «وإن
وُكِّلَ مَن يصحُّ ذبحُه ولو ذمِّيًّا كتابيًّا جازَ مع الكراهةِ، قلت: ومرادُ
الأصحابِ بجوازِ تَوكيلِ الذِّمِّيِّ الكتابيِّ في ذبيحَةِ هَدْيِ المُسلمِ أو
أُضحِيَتِه، إذا كان الكتابيُّ يذبحُ الأضحيَّةَ أو الهدْيَ، أو ينحرُها في موضعِه
الشَّرعيِّ بشُروطِه المعتبَرَة. أمَّا إن كانَ يذبَحَها بضربِ المسامير أو
الفُؤوسِ في الرَّأس ونحوه أو الكَهرباء، كمَا عليه عمل بعض النَّصارى في هَذَا
الزَّمن، فإنَّه لا يصحُّ تَوكِيلُه ولا تحلُّ ذَبيحتُه بذلك، لأنَّ ذبحَه
للبهيمةِ على هَذِهِ الصِّفةِ لا يسمَّى مُذَكًى ولا تحلُّ بذلك، بل حكمها حكمُ
الميِّتةِ فهي حرامٌ، كمَا لو فعلَ ذلك مسلمٌ وأولَى». واللَّه أعلم.
وأمَّا قولُ المؤلِّف: «فمَا داموا يعتبرُون هَذَا حلالاً مُذكًى فهو حلٌّ لنا وفقَ عمومِ الآية»؛ فيُجابُ عنه: بأنَّه ليس المرادُ بطعامِهم الَّذي