×
البيان لأخطاء بعض الكُتَّاب الجزء الثاني

الخطأُ الثَّاني: استدلالُ المؤلَّفِ على عدمِ تحريمِ ما عدا التَّماثيلِ من الصُّورِ بالاستثناءِ الوارد في حديثِ زيدِ بن خالدٍ وحديثِ أبي طلحة من قولِه: «إِلاَّ رَقْمًا فِي ثَوْبٍ» ([1])، وقد أجابَ النَّوويُّ رحمه الله عن هَذَا الاستدلالِ في «شرحِه على صحيحِ مسلمٍ» (14/ 85) حيثُ قال: «هَذَا يحتجُّ به مَن يقُول بإباحَةِ ما كان رقمًا مطلقًا، وجوابُنا وجوابُ الجمهورِ عنه: أنَّه محمولٌ على رقمٍ على صورةِ الشَّجرِ وغيرِه ممَّا ليسَ بحيوانٍ، وقد قدَّمنا أنَّ هَذَا جائزٌ عندنا». ا هـ.

وقال الحافظُ ابنُ حجرٍ: «ويحتملُ أن يكونَ ذلك قبلَ النَّهي كمَا يدلُّ له حديثُ أبي هريرة الَّذي أخرجَهُ أصحابُ السُّننِ». أ هـ.

وقال الشَّيخُ عبدُ العزيزِ بن بازٍ في «الجوابُ المفيدُ في حكمِ التَّصويرِ»: «وأمَّا قولُه في حديثِ أبي طلحةَ وسهلِ بن حُنيفٍ: «إِلاَّ رَقْمًا فِي ثَوْبٍ» ([2])، فهو استثناءٌ من الصُّورِ المانعَة من دُخولِ الملائكةِ لا من التَّصويرِ، وذلك واضحٌ من سياقِ الحديثِ، والمرادُ بذلك إذا كانَ الرَّقمُ في ثوبٍ ونحوه يبسط ويمتَهَنُ، ومثله الوسادة المُمتهنة؛ كمَا يدلُّ عليه حديثُ عائشةَ المتقدِّم في قطعِها السِّتر وجعله وسادَةً أو وسادتين. وحديثُ أبي هريرة وقول جِبْرِيل للنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم: «فَمُرْ بِرَأْسِ التِّمْثَالِ الَّذِي فِي الْبَيْتِ يُقْطَعُ، فَيَصِيرُ كَهَيْئَةِ الشَّجَرَةِ، وَمُرْ بِالسِّتْرِ فَلْيُقْطَعْ، فَلْيُجْعَلْ مِنْهُ وِسَادَتَيْنِ مَنْبُوذَتَيْنِ تُوطَآَنِ» ([3])، ففعلَ ذلك النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم. ولا يجوزُ حملُ الاستثناءِ على الصُّورةِ في الثَّوبِ المعلَّق


الشرح

([1])أخرجه: البخاري رقم (3226)، ومسلم رقم (2106).

([2])أخرجه: البخاري رقم (3226)، ومسلم رقم (2106).

([3])أخرجه: أبو داود رقم (4158)، والترمذي رقم (2806)، وأحمد رقم (8045).