×
البيان لأخطاء بعض الكُتَّاب الجزء الثاني

 يعرِفُ حُسْنَها قبلَ ذلكَ الوقتِ لجَوازِ أن يكُونَ قد رآها قبْلَ ذلك وعَرفَها. وممَّا يوضِّحُ هَذَا أنَّ عبدَ اللَّهِ بن عبَّاس رضي الله عنهما الَّذي رَوى عنه هَذَا الحديث لم يكن حَاضرًا وقْت نَظَرِ أخيهِ إِلَى المرأةِ ونظَرِها إليه، لمَّا قدَّمنا من أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قدَّمَه باللَّيلِ من مزدلفَة إِلَى مِنًى في ضعفة أهلِه، ومعلومٌ أنَّه إنَّما روى الحدِيثَ المذْكُورَ من طريقِ أخِيه الفضْلِ وهو لم يقُلْ له: إنَّها كانَت كَاشِفةً عن وجْهِهَا، واطِّلاعِ الفضلِ على أنَّها وضيئةٌ حسناءُ لا يستلزم السُّفور قصدًا، لاحتمالِ أن يكُونَ رأى وجْهَهَا وعَرفَ حسنه من أجلِ انكشَافِ خِمَارِها من غيرِ قصدٍ منها، واحتمالُ أنَّه رَآها قبلَ ذلكَ وعرف حُسنَها. إِلَى أن قالَ: مع أنَّ جمالَ المرأةِ قد يُعرَفُ وينظَرُ إليها لجمَالِهَا وهي مخْتمِرةٌ وذلك لحُسْنِ قدِّها وقَوامها، وقد تُعرَف وضاءَتُها وحُسْنُها من رؤيةِ بنَانِها فقَط كمَا هو معلومٌ، ولذلك فسَّر ابنُ مسعودٍ ﴿وَلَا يُبۡدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنۡهَاۖ [النُّور: 31] بالملاءة فوقَ الثِّيابِ كمَا تقدَّم. وممَّا يوضِّح أنَّ الحُسْنَ يُعرَفُ من تحتِ الثِّيابِ: قول الشَّاعر:

طافَتْ أمَامَه بالرُّكبانِ آونة *** يا حُسنها من قوام ما ومنتَقِبًا

فقدْ بالغَ في حُسنِ قوامِها مع أنَّ العادَةَ كَونِه مَستُورًا بالثِّيابِ لا منكشِفًا.

الوجْهُ الثَّاني: أنَّ المرأَةَ مُحرِمةٌ، وإحرامُ المرأةِ في وجْهِهَا وكفَّيها فعَليهَا كشفَ وجْهِهَا إن لم يكُن هناك رِجالٌ أجانِبُ ينظُرونَ إليها، وعليها سُتره عنِ الرِّجالِ في الإحرامِ كمَا هو معروفٌ عن أزواجِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وغَيرِهنَّ. ولم يَقُلْ أحدٌ: إنَّ هَذِهِ المرأة الخَثعمِيَّة نظَر إليها أحدٌ غير الفضلِ بنِ عبَّاس رضي الله عنهما، والفضل منَعَهُ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم من النَّظر إليها،


الشرح