انتهى حكمُ الغناءِ
عندَ الأئمَّةِ كما تَرَاه، وكما يَدلُّ على منعِهِ الكتابُ والسُّنَّةُ والإجماعُ
إلاَّ من شذَّ، فلا يهولنك ما عليهِ كثيرٌ من النَّاسِ اليومَ من استباحتِهِم لَهُ
وتساهلُهُم في سماعِهِ، ونسبةَ من أنكره إلى الجمودِ والتَّحجُّرِ وصيرورتِهِ
كالمُضغةِ في الأفواهِ البذيئةِ فليقولوا ما شَاؤوا. فهذا كتابُ اللَّهِ وسنَّةِ
رسولِهِ صلى الله عليه وسلم لم نكنْ ندعها لقولِ قائلٍ ولا إرضاءِ أحدٍ من
النَّاسِ كائنًا من كانَ.
الأمرُ الثَّالثُ: ممَّا يُلاَحَظُ على المؤلِّفِ قولُهُ: «ولا بأسَ أنْ تَصْحَبه المُوسيقى غيرَ المثيرةِ»؛ فهذا معناهُ إباحةُ شيءٍ من المعازفِ والمزاميرِ والملاهِي الَّتي جاءَ الحديثُ الصَّحيحُ بتحريمِهَا كلِّها والوعيدُ لمن اسْتَبَاحها أو شيئًا مِنْهَا في قولِهِ صلى الله عليه وسلم: «لَيَكُونَنَّ مِنْ أُمَّتِي أَقْوَامٌ، يَسْتَحِلُّونَ الحِرَ وَالحَرِيرَ، وَالخَمْرَ وَالمَعَازِفَ...» ([1])، والمعازفُ جَمْعُ مَعْزِف ويقالُ: مِعزَفة؛ بكسرِ الميمِ وفتحِ الزَّاي فيهما، قال الجوهريُّ: المعازِفُ الملاهِي والعازفُ اللاَّعبُ بِهَا أو المُغنِّي وقد عَزَفَ عَزْفًا. وقال الشَّيخُ ابنُ تيميةَ في «مجموع الفتاوى» (11/ 576): «مَذهبُ الأئمَّةِ الأربعةِ أنَّ آلاتِ اللَّهوِ كلَّها حرامٌ. ثبتَ فِي «صحيح البخاريِّ» وغيرِهِ أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم أخْبَرَ أنَّه سيكونُ من أمَّتِهِ من يستحلُّ الحرَّ والحريرَ والخمرَ والمعازفَ، وذكرَ أنَّهم يُمْسَخون قردةٌ وخنازيرٌ، والمعازفُ هي الملاهِي كما ذكرَ أهلُ اللُّغةِ جمعُ معزفةٍ، وهي الآلةِ الَّتي يُعْزَفُ بها، أيْ: يُصَوَّتُ بِهَا، ولم يَذكُر أحدٌ من أتباعِ الأئمَّةِ في آلاتِ اللَّهوِ نِزاعًا». ا هـ.
([1])أخرجه: البخاري رقم (5590).