وقال ابنُ القيِّمِ
في «إغاثة اللَّهفان» (1/ 227- 278): «فصلٌ في بيانِ تحريمِ رسولِ اللَّهِ صلى
الله عليه وسلم الصَّريحِ لآلاتِ اللَّهوِ والمعازفِ وسياقُ الأحاديثِ في ذلك: عن
عبدِ الرَّحمنِ بن غنمٍ قال: حدَّثني أبو عامرٍ أو أبو مالكٍ الأشعريُّ رضي الله
عنهما أنَّه سَمِع النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم يقول: «لَيَكُونَنَّ مِنْ
أُمَّتِي أَقْوَامٌ، يَسْتَحِلُّونَ الحِرَ وَالحَرِيرَ، وَالخَمْرَ
وَالمَعَازِفَ» ([1])، هذا حديثٌ صحيحٌ
أخرجه البخاريُّ في صحيحِهِ مُحتجًّا بِهِ وعلَّقَهُ تعليقًا مجزومًا به فقال:
«بابُ ما جاءَ فيمنْ يَسْتَحلُّ الخمرَ ويسمِّيهِ بغيرِ اسْمِه»، إلى أن قالَ ابنُ
القيِّم: ووجْهُ الدَّلالةِ منهُ أنَّ المعازفَ هي آلاتُ اللَّهوِ كلَّها لا خلافَ
بينَ أهلِ اللُّغةِ في ذلكَ، ولو كانتْ حلالاً لَمَا ذمَّهم على استحلالِهَا،
ولَمَا قَرَنَ استِحلاَلَهَا باسْتِحْلاَل الخمرِ والحِرِّ. إلى أن قال: وقال ابن
مَاجَهْ في «سُننه»: حدَّثنا عبدُ اللَّهِ بن سعيدٍ عن معاويةَ بن صالحٍ عن حاتمٍ
بن حريث عنِ ابن أبي مريمَ عن عبدِ الرَّحمنِ بن غنم الأشعريِّ عن أبي مالك
الأشعريِّ رضي الله عنه قال: قال رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: «لَيَشْرَبَنَّ
نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي الْخَمْرَ، يُسَمُّونَهَا بِغَيْرِ اسْمِهَا، يُعْزَفُ عَلَى
رُءُوسِهِمْ بِالْمَعَازِفِ، وَالْمُغَنِّيَاتِ، يَخْسِفُ اللَّهُ بِهِمُ
الأَْرْضَ، وَيَجْعَلُ مِنْهُمُ قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ» ([2]). وهذا إسنادٌ
صحيحٌ. وقد توعَّد مستحلِّي المعازفِ فيه بأنْ يَخْسفَ اللَّهُ بهم الأرض، ويمسخهم
قِردةً وخنازيرَ، وإن كان الوعيدُ على جميعِ هذه الأفعالِ فلكلِّ واحدٍ قسطٌ في
الذَّمِّ والوعيدِ». ا هـ.
فتبيَّن أنَّه لا يُبَاحُ شيءٌ من آلاتِ اللَّهوِ لا مُوسيقى ولا غيرها، واللَّه أعلم.
([1])أخرجه: البخاري رقم (5590).