×
البيان لأخطاء بعض الكُتَّاب الجزء الثاني

وقالَ شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميةَ في «مجموع الفَتَاوى» (11/ ابتداءً من صفحةِ 557) ما نصُّه: «فأمَّا السَّماعُ الَّذي شرَعه اللَّهُ تعالى لعبادِهِ، وكان سلفُ الأمَّةِ من الصَّحابةِ والتَّابعينَ و تابعِيهم يَجْتَمعونَ عليه لصلاحِ قلوبِهِم وزكاةِ نفوسِهِم، فهو سماعُ آياتِ اللَّهِ تعالى وهو سماعُ النَّبيِّينَ والمؤمنينَ وأهلِ العلمِ والمعرفةِ. إلى أنْ قالَ: وبهذا السَّماعُ أمرَ اللَّهُ تعالى كما قالَ تعالى: ﴿وَإِذَا قُرِئَ ٱلۡقُرۡءَانُ فَٱسۡتَمِعُواْ لَهُۥ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمۡ تُرۡحَمُونَ [الأعراف: 204]، وعلى أهلِهِ أَثْنَى كَمَا قالَ تعالى: ﴿وَٱلَّذِينَ ٱجۡتَنَبُواْ ٱلطَّٰغُوتَ أَن يَعۡبُدُوهَا وَأَنَابُوٓاْ إِلَى ٱللَّهِ لَهُمُ ٱلۡبُشۡرَىٰۚ فَبَشِّرۡ عِبَادِ ١٧ ٱلَّذِينَ يَسۡتَمِعُونَ ٱلۡقَوۡلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحۡسَنَهُۥٓۚ أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ هَدَىٰهُمُ ٱللَّهُۖ وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمۡ أُوْلُواْ ٱلۡأَلۡبَٰبِ [الزَّمر: 17- 18] إلى أنْ قالَ: و كَمَا أَثْنَى على هذا السَّماعِ فقدْ ذمَّ المعرِضِين عن هذا السَّماعِ فقال: ﴿وَإِذَا تُتۡلَىٰ عَلَيۡهِ ءَايَٰتُنَا وَلَّىٰ مُسۡتَكۡبِرٗا كَأَن لَّمۡ يَسۡمَعۡهَا كَأَنَّ فِيٓ أُذُنَيۡهِ وَقۡرٗاۖ [لقمان: 7]، وقال تعالى: ﴿وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَا تَسۡمَعُواْ لِهَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانِ وَٱلۡغَوۡاْ فِيهِ لَعَلَّكُمۡ تَغۡلِبُونَ [فصلت: 26]، إلى أن قالَ رحمه الله: «وهذا هو السَّماعُ الَّذي شرَعه اللَّهُ لعبادِهِ في صلاةِ الفجرِ والعشاءِ وغيرِ ذلكَ، وعلى هذا كانَ أصحابُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يجتمعونَ، وكانوا إذا اجْتَمَعوا، أَمَرُوا واحدًا منهمْ يقرأُ، والبَاقونَ يسْتمعونَ، وكانَ عمرُ بنُ الخطابِ رضي الله عنه يقولُ لأبِي مُوسى: ذكرنَا ربَّنا! فيقرأ وهم يَسْتَمعون. وهذا هو السَّماعُ الَّذي كان النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يشهدُهُ مع أصحابِهِ ويستدعِيهِ مِنْهُم. ثمَّ ذكرَ حديثَ عبدِ اللَّهِ بنِ مسعودٍ حينَ أمرَهُ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم أن يقرأَ عليهِ القرآنَ، إلى أن قالَ: وبِذَلك يحتجُّ عليهم يومَ القيامةِ كَمَا قال تعالى: ﴿يَٰمَعۡشَرَ ٱلۡجِنِّ وَٱلۡإِنسِ أَلَمۡ يَأۡتِكُمۡ رُسُلٞ مِّنكُمۡ يَقُصُّونَ عَلَيۡكُمۡ ءَايَٰتِي [الأنعام: 130]، إلى أنْ قَالَ: وهذا السَّماعُ لَهُ آثارٌ إيمانيَّةٌ من المعارفِ القدسيَّةِ والأحوالِ


الشرح