عُلَماء الأُمَّة، وَحَمَلَة الشَّريعة؛ كَمَا كَانَ الأمرُ فِي عَهْد المَلك عَبْد العَزيز عند تَأْسيس تِلْكَ المَدَارس والمَعَاهد والكُلِّيَّات، وكَمَا هُو الحالُ فِي عَهْد وُلاة أُمُورنا المُعَاصرين - حَفِظَهُم اللَّه ونَصَر بِهِمْ دينهُ - وَعَلَى رَأْسهم خَادمُ الحَرَمين الشَّريفين، أمَّا إنْ كَانَ التَّغييرُ والتَّطويرُ يُحوِّلان المَنَاهج إِلَى مُستوًى أَدْنى وأقلَّ - كَمَا يُطالبُ به دُعاةُ التَّغيير اليوم - بحيثُ تُقلَّلُ حصص العُلُوم الشَّرعيَّة والعربيَّة، ويُوضَعُ لها كُتُبٌ جَديدةٌ ضحلةٌ لا تُسْمنُ ولا تُغْني من جُوعٍ، فهَذَا تطويرٌ وتغييرٌ مرفُوضٌ يأباهُ وُلاَةُ أُمُورنا حَفظهُم اللَّه، وتَأْباهُ الأُمَّةُ بأَجْمَعها، ولَنْ يكُونَ ولَنْ يحصُل إنْ شاء اللَّه، وأمَّا تقليلُ الأُسْتاذ الكَاتب من شَأْنِ الحِفْظِ وتَشْويهه لهُ كَمَا جاء فِي مقالِهِ، فلن يُقلِّل ذَلِكَ من شأنِهِ عند المُسْلِمِين، ولَنْ يَلْتفتُوا إلَيْه، وأمَّا خَلْط الكَاتب - هَداهُ اللَّهُ - بَيْن تَغْيير المَنَاهج وتَغْيير اخْتيَار الكُتُب المُنَاسبة، وجَعْلها شيئًا وَاحدًا، فهَذَا من المُغَالطة؛ لأنَّ تَغْييرَ الكتَاب الدِّراسيِّ إِلَى كِتَابٍ أحسنَ منهُ، أَمْرٌ مطلُوبٌ، ولَيْسَ هُوَ من تَغْيير المَنْهج، فأَرْجُو من الكَاتب الأُستاذ عبد العَزيز القاسم أنْ يُعيدَ النَّظرَ فيما كَتَب، فالرُّجُوعُ إِلَى الحقِّ فَضيلةٌ، ولا نشُكُّ أنَّهُ يُريدُ الخيرَ والحقَّ، وَلَكنَّ الإنسانَ عُرضةٌ للخطأ «وَكُلُّ ابنِ آدَمَ خَطَّاءٌ وَخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ» ([1])، وبَقَاؤُنا عَلَى مَنَاهجنا الشَّرعيَّة لا يمنعُ أن يكُون هُناكَ مَنَاهج دراسيَّة تَخْتصُّ بتَعْليم العُلُوم الدُّنيويَّة النَّافعة، من صِنَاعاتٍ ومَهَاراتٍ مُفِيدَةٍ للأُمَّة تُغْنيهم عن الاحْتيَاج إِلَى غَيْرهم، ويكُونُ هَذَا فِي دُورِ تَعْليمٍ خَاصَّةٍ، ككُلِّيَّات الطِّبِّ، وكُلِّيَّات الصَّيدلة، وكُلِّيَّات الهَنْدسة، وكُلِّيَّات الصِّناعة، والكُلِّيَّات المهنيَّة، وتَبْقى المُؤسَّساتُ الدِّينيَّةُ مُحتفظةً
([1])أخرجه: ابن ماجه رقم (4251)، والدارمي رقم (2769).