×
البيان لأخطاء بعض الكُتَّاب الجزء الثاني

 نقُولُ: الحَمْدُ للَّه، لَمْ يَحصُل عند العُلَماء المُعْتبرين اسْتِشْكالٌ حَوْل هَذَا الحَديث، ولا يَسُوغُ لأحدٍ أن يُعَارض الحَديث الصَّحيح بآرَاء النَّاس وَاسْتِشْكَالاتهم، وأمَّا قَوْلُك فِي بَيَان الإشْكَال الَّذي زَعمتَهُ: أنَّ النَّصارى لَيْسَ لهُمْ إلاَّ نبيٌّ واحدٌ وقَدْ رُفِعَ إِلَى السَّماء، فنقُولُ: إنَّ النَّصارى من بَني إسْرَائيل، وَبنُو إسْرَائيل لهُمْ أنْبيَاء كَثيرُون، آخرُهُم عيسى عليه السلام، وأمَّا قَوْلُك: إنَّ اليهُودَ يقتُلُون الأنبياءَ، ويَكْفُرُون بآيات اللَّه، فنقُولُ عنهُ: لَيْسَ كُلُّ بَني إسْرَائيل كَذَلك، بَلْ مِنْهُم مَنْ يكفُرُ بالأنْبيَاء ويَقْتُلُهُمْ، ومنهُم مَنْ يَغْلُو فيهم ويَعْبُدُهُمْ من دُون اللَّه، ومنهُم مَنْ يُؤمنُ بهم ويُوقِّرُهُم، ونبيُّنا صلى الله عليه وسلم لا يَنْطقُ عن الهوى عندما قَالَ عَنهُم ما قَالَ.

ثُمَّ إنَّ الدُّكتُور يحصُرُ وسائلَ الشِّرْك فِي اتِّخاذ الصُّور وَالتَّماثيل فِي المَسَاجد، ويُريدُ أن يُحرِّف حَديثَ الرَّسُول صلى الله عليه وسلم وهُوَ قولُهُ: «اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ» بأنَّ مَعْنى ذَلِكَ أنَّهُم اتَّخذُوا تَمَاثيلَهُم وصُورَهُم، ونقُولُ للدُّكتُور: سَامَحك اللَّهُ، وهل الصُّورةُ والتِّمثالُ يُسمَّيان قبرًا؟! وأغربُ من ذَلِكَ أن يحملَ قَوْل إبْرَاهيم عليه السلام: ﴿وَٱجۡنُبۡنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعۡبُدَ ٱلۡأَصۡنَامَ [إبراهيم: 35] عَلَى غير عبادة القُبُور، قَالَ: لأنَّهُ لم يَقلْ أنْ نَعبُد القُبُورَ أو الآثَارَ، فيتَّضحُ أنَّ ذَريعةَ الشِّرْك هي اتِّخاذُ الصُّور والتَّماثيل والأصْنَام - هَكَذا قَالَ - ونقُولُ: سُبْحان اللَّه! ألَمْ تَقلْ يا دُكتُور: إنَّك لَمْ تَتطرَّق إِلَى ذِكْرِ عبَادة القُبُور أو بنَاء المَسَاجد عَلَيْها، فها أنت تطرَّقت الآن إِلَى ذَلِكَ، وأخرجتَهُ من أنْوَاع الشِّرْك، وأيضًا نقُولُ لك يا فضيلةُ الدُّكتُور: الشِّرْكُ هُو عِبَادة غَيْر اللَّه؛ صنمًا كَانَ أو تمثالاً أوْ صُورةً أوْ قبرًا أوْ حجرًا أو شجرًا أو ملائكةً أو جِنًّا


الشرح