×
البيان لأخطاء بعض الكُتَّاب الجزء الثاني

 أو إنسًا، وَوَسائل الشِّرْك عامَّةٌ لكُلِّ ما يُوصِلُ إِلَى الشِّرْك من إحْيَاء الآثَار، والبنَاء عَلَى القُبُور، والصَّلاة عندها، واتِّخاذ الصُّور والتَّماثيل، وإبْرَاهيمُ عليه السلام دَعَا ربَّهُ أن يُجنِّبهُ الشِّرْكَ بجَميع أنْوَاعه؛ سَوَاءٌ فِي الأَصْنَام أَوْ القُبُور أَوْ غَيْر ذَلِكَ، وإنَّما خصَّ الأصْنَام بالذِّكر؛ لأنَّها هي مَعبُوداتُ قومِهِ، كَمَا قَالَ لهُم: ﴿مَا هَٰذِهِ ٱلتَّمَاثِيلُ ٱلَّتِيٓ أَنتُمۡ لَهَا عَٰكِفُونَ [الأنبياء: 52].

ثُمَّ قَالَ الدُّكتُور عن قَطْع عُمرَ رضي الله عنه للشَّجرة الَّتي غَلاَ فيها النَّاسُ، وصارُوا يذهبُون إلَيْها يتبرَّكُون بها، فَقَطعها عُمرُ رضي الله عنه سدًّا للذَّريعة، واستنكارًا لفِعْلِهم، قَالَ الدُّكتُورُ - سَامَحه اللَّه - ما معناهُ: إنَّ عُمرَ رضي الله عنه لم يَقْطعها من أجل سدِّ الذَّريعة، ومَنْع الغُلُوِّ فيها، وإنَّما قَطَعها؛ لأنَّ النَّاس ظنُّوا أنَّها الشَّجرةُ الحقيقيَّةُ أيْ: الَّتي وَقَعتْ فيها البيعةُ، وَهي لَيْست كَذَلك.

أقُولُ: ألم يقرأُ الدُّكتُور سببَ قَطْع عُمر للشَّجرة، وهُو أنَّهُ رأى النَّاسَ يَذْهبُون إلَيْها، فقَالَ: أين يَذْهبُون؟ قالُوا: يَذْهبُون للشَّجرة الَّتي بَايَع الصَّحابةُ رسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم تَحْتها، فأَمَر رضي الله عنه بقَطْعها سدًّا لوَسيلة الشِّرْك، وقَالَ: «إنَّما هَلَك مَنْ كَانَ قبلكُم بتَتبُّعهم آثَار أنْبيَائهم».

وقد نَهَى النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم عن التَّبرُّك بالأشْجَار كَمَا سيأتي، فما هَذِهِ المُغَالطة الباردة يا فضيلةَ الدُّكتُور فِي أمرٍ واضحٍ؟!

ثُمَّ أجاب الدُّكتُور عن عَدَم ذَهَاب الرَّسُول صلى الله عليه وسلم بَعْد البعثة إِلَى غَار حرَاء وغَار ثورٍ والدَّار الَّتي وُلِدَ فيها، بأنَّ الرَّسُولَ صلى الله عليه وسلم لا يتبرَّكُ بنفسِهِ، لكنَّهُ لم يمنع النَّاسَ من التَّبرُّك بتلكَ الآثَار.

والرَّدُّ عَلَى ذَلِكَ أن نقُول: الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم هُو القُدوةُ لنَا، فمَا فَعَلهُ فَعَلناهُ، وما تَركهُ تَرَكناهُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَمَآ ءَاتَىٰكُمُ ٱلرَّسُولُ فَخُذُوهُ


الشرح