وَمَا
نَهَىٰكُمۡ عَنۡهُ فَٱنتَهُواْۚ﴾ [الحشر: 7] وتَرْكُهُ
للشَّيء بمَثَابة النَّهي عنهُ إِذَا كَانَ ما تَرَكهُ ممَّا يتَّصلُ بالدِّين؛
ولذَلِكَ تركَ الصَّحابةُ الذَّهابُ إِلَى هَذِهِ الأمَاكن؛ لأنَّ الرَّسُولَ صلى
الله عليه وسلم تركَ الذَّهاب إلَيْها عملاً بقوله تَعَالَى:﴿لَّقَدۡ كَانَ لَكُمۡ فِي
رَسُولِ ٱللَّهِ أُسۡوَةٌ حَسَنَةٞ﴾ [الأحزاب: 21]، ولَوْ كَانَ خيرًا لسَبقُونا إلَيْه.
ثُمَّ يُقَال: ألَمْ يَنْه الرَّسُولُ صلى
الله عليه وسلم عن التَّبرُّك بالأشْجَار ونَحْوها، كَمَا فِي حَديث أَبي واقدٍ
اللَّيثي رضي الله عنه قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم
إِلَى حُنَيْنٍ وَنَحْنُ حُدَثَاءُ عَهْدٍ بِكُفْرٍ، ولِلْمُشْرِكِينَ سِدْرَةٌ
يَعْكُفُونَ عِنْدَهَا، ويَنُوطُونَ بِهَا أَسْلِحَتَهُمْ يُقَالُ لَهَا: ذَاتُ
أَنْوَاطٍ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ اجْعَلْ لَنَا ذَاتَ أَنْوَاطٍ كَمَا
لَهُمْ ذَاتُ أَنْوَاطٍ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «اللهُ
أَكْبَرُ، إِنَّهَا السُّنَنُ، قُلْتُمْ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ كَمَا قَالَتْ
بَنُو إِسْرَائِيلَ لِمُوسَى: ﴿ٱجۡعَل لَّنَآ إِلَٰهٗا كَمَا لَهُمۡ ءَالِهَةٞۚ﴾ [الأعراف: 138] » الحديث ([1])، ألَيْسَ هَذَا استنكارًا ونهيًا من رسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن
التَّبرُّك بالأشْجَار وغَيْرها من الآثَار والأمَاكن من البُيُوت والغِيرَان
والبِقَاعِ الَّتي لم يَشْرع لنا اللَّهُ ورسُولُهُ قَصْدها للعبَادة فيها.
وَأَجَاب الدُّكتُور عن احْتجَاجي عَلَيْه عَلَى عَدَم شرعيَّة الاحْتفَاظ
بالآثَار ببَيْع عَقيل بْن أَبي طَالِبٍ لدار النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم بمكَّة
بأنَّ عقيلاً حينَ فَعلَ ذَلِكَ، لَمْ يكُن قَدْ أسلم، كذا قَالَ!
وأقُولُ للدُّكتُور: الحُجَّةُ هي فِي عَدَم اسْترجَاع النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم لتِلْكَ الدَّار، ولو كَانَ بيعُها غَيْر صحيحٍ، وأنَّها يجبُ الاحتفاظُ بها لأَجْل أنَّها أثرٌ من آثَار النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، لأبطلَ صلى الله عليه وسلم البيعَ واسْتَرْجعها.
([1])أخرجه: الترمذي رقم (2180)، وأحمد رقم (21897)، والطبراني في الكبير رقم (3291).