×
البيان لأخطاء بعض الكُتَّاب الجزء الثاني

وثانيًا: لَوْ صحَّ هَذَا الحديثُ، فإنَّ ما جاء فيه يَكُون من خَصَائص النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ؛ لأنَّ الإسراءَ وكُلَّ ما وَقَع فيه خاصٌّ بالنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، بدليل أنَّ الصَّحابَةَ رضي الله عنهما ومَنْ جاء بعدهم لم يكُونُوا يَذْهبُون إِلَى هَذِهِ الأماكن للصَّلاة فيها، والتَّعبُّد فيها.

ثُمَّ ذَكَر الدُّكتُور أحاديثَ لا عَلاَقة لها بالمَوْضُوع من كون النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وأصحابه جَلسُوا فِي كَذا، ونزل عَلَيْه شيءٌ من القُرْآن وهُو فِي كذا، ثُمَّ قَالَ يُخَاطبُني: ولا يَخْفى عَلَى فَضيلتكُم أَنَّ اللَّهَ عز وجل شرع لنا المُحَافظةَ عَلَى الآثَار، وَذَكَرها فِي كتابِهِ الكَريم، بَلْ وَرَبَط الكثيرَ من العبادات بأمكنةٍ وأزمنةٍ لها سَابقةٌ فِي الذِّكر لأُممٍ سابقةٍ ممَّا يُعدُّ مُحَافظةً عَلَى الآثَار، ومَثَّل لذَلِكَ بمَقَام إبراهيم، والسَّعي بَيْن الصَّفا والمَرْوة بالإضَافة إلى الرَّمل أثناء السَّعْي، كذا قَالَ، والرَّملُ إنَّما يَكُون فِي الطَّواف لا فِي السَّعي، قَالَ: والنَّبيُّ صلى الله عليه وسلم أوَّلُ مَنْ حثَّ عَلَى المُحَافظة عَلَى آثَار المَدينة.

وأقُولُ للدُّكتُور: هَذَا من التَّقوُّل عَلَى اللَّه ورسُولِهِ بغير عِلْمٍ، فأيْنَ الدَّليلُ فِي الكتَاب والسُّنَّة عَلَى المُحَافظة عَلَى الآثَار؟ اذْكُر لنَا دليلاً صَحيحًا يدُلُّ عَلَى ذَلِكَ، وأمَّا الصَّلاةُ عند مَقَام إبْرَاهيم، والسَّعي بَيْن الصَّفا والمَرْوة، فَلأنَّهُما من شَعَائر اللَّه، وَهَل الآثَار الَّتي تُريدُ إحْياءَها تَكُون من شَعَائر اللَّه؟ إنَّ هَذَا من الزِّيادة فِي الدِّين، وقَدْ قَالَ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ» ([1])، وقَالَ تَعَالَى: ﴿وَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّنِ ٱفۡتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِبًا [الأنعام: 21]، ﴿قُلۡ هَاتُواْ بُرۡهَٰنَكُمۡ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ [البقرة: 111].


الشرح

([1])أخرجه: مسلم رقم (1718).