وقَالَ فِي السِّحر: ﴿وَمَا كَفَرَ سُلَيۡمَٰنُ وَلَٰكِنَّ ٱلشَّيَٰطِينَ كَفَرُواْ
يُعَلِّمُونَ ٱلنَّاسَ ٱلسِّحۡرَ﴾ [البقرة: 102] إِلَى غَيْر ذَلِكَ من أنْوَاع الكُفْر الَّذي يكُونُ
بالقَوْل والفِعْلِ، كَمَا يكُونُ بالاعْتقَاد والشَّكِّ والتَّردُّد، كَمَا قَالَ
تَعَالَى: ﴿وَدَخَلَ
جَنَّتَهُۥ وَهُوَ ظَالِمٞ لِّنَفۡسِهِۦ قَالَ مَآ أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هَٰذِهِۦٓ
أَبَدٗا ٣٥ وَمَآ أَظُنُّ ٱلسَّاعَةَ قَآئِمَةٗ وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَىٰ رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيۡرٗا مِّنۡهَا مُنقَلَبٗا ٣٦ قَالَ لَهُۥ صَاحِبُهُۥ وَهُوَ يُحَاوِرُهُۥٓ أَكَفَرۡتَ بِٱلَّذِي
خَلَقَكَ مِن تُرَابٖ ثُمَّ مِن نُّطۡفَةٖ ثُمَّ سَوَّىٰكَ رَجُلٗا﴾ [الكهف: 35- 37]، فَلاَ يكُونُ الكُفْرُ بالتَّكْذيب فَقَط.
ثُمَّ إنَّهُ قَدْ يَكُونُ الكَافرُ كافرًا أَصليًّا لَمْ يَدْخُل فِي
الإِسْلاَم أَصْلاً، وقَدْ يكُونُ كَافرًا رِدَّةً إِذَا دَخَل فِي الإِسْلاَم
ثُمَّ ارْتكَب ناقضًا من نَوَاقضه الَّتي هيَ من أنْوَاع الكُفْر؛ سَوَاء كَانَ
جادًّا أَوْ هَازلاً أوْ قَاصدًا طَمعًا من مَطَامع الدُّنيا من الحُصُول عَلَى مَالٍ
أوْ جَاهٍ أوْ مَنْصبٍ، إلاَّ من فَعَل شيئًا من ذَلِكَ، أو قَالهُ مُكْرهًا
بقَصْد دَفْع الإكْرَاه مع بَقَاء قَلْبه عَلَى الإيمان، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿مَن كَفَرَ بِٱللَّهِ مِنۢ
بَعۡدِ إِيمَٰنِهِۦٓ إِلَّا مَنۡ أُكۡرِهَ وَقَلۡبُهُۥ مُطۡمَئِنُّۢ بِٱلۡإِيمَٰنِ
وَلَٰكِن مَّن شَرَحَ بِٱلۡكُفۡرِ صَدۡرٗا فَعَلَيۡهِمۡ غَضَبٞ مِّنَ ٱللَّهِ وَلَهُمۡ عَذَابٌ عَظِيمٞ ١٠٦ ذَٰلِكَ
بِأَنَّهُمُ ٱسۡتَحَبُّواْ ٱلۡحَيَوٰةَ ٱلدُّنۡيَا عَلَى ٱلۡأٓخِرَةِ وَأَنَّ
ٱللَّهَ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلۡكَٰفِرِينَ﴾ [النَّحل: 106، 107].
قَالَ شَيخُ الإِسْلاَم المُجدِّد مُحمَّد بْن عَبْد الوهَّاب رحمه الله: «فلَمْ يَعْذرُ اللَّه من هَؤُلاَء إلاَّ مَنْ أُكْره مع كَوْن قَلْبه
مُطمئنًّا بالإيمَان، وأمَّا غَيْر هَذَا فقَدْ كَفَر بَعْد إيمانِهِ؛ سَواء
فَعَله خوفًا أو مُدَارةً أو شُحَّةً بوطنِهِ أو أهلِهِ أو عشيرتِهِ أو مالِهِ،
أَوْ فَعَله عَلَى وَجْه المزح أَوْ لغَيْر ذَلِكَ من الأغْرَاض إلاَّ المُكْره، والآيةُ
تدُلُّ عَلَى هَذَا من جِهَتَين:
الأُولَى: قَوْلهُ: ﴿إِلَّا مَنۡ أُكۡرِهَ﴾ [النَّحل: 106]، فلَمْ
يَسْتَثن اللَّه