×
البيان لأخطاء بعض الكُتَّاب الجزء الثاني

 ويُخرِّبُون البلادَ؟ بَلْ لَمْ يَقْتصر الحُكْمُ بقَتْلهم عَلَى المَمْلكة العربيَّة السُّعُوديَّة، فكُلُّ دُوَل العَالَم حتَّى الدُّول الكَافرة تقتُلُ المُروِّجين للمُخدِّرات دفعًا لشَرِّهم وإفْسَادهم، فالرِّفاعيُّ يُشْفقُ عَلَى هَؤُلاَء المُجْرمين المُفْسدين، ولا يُشْفقُ عَلَى الشُّعُوب الَّتي يَفْتكُ بها هَؤُلاَء فسادًا وَدمارًا، ويستدلُّ الرِّفاعيُّ لقَوْله هَذَا بحَدِيث: «أَقِيلُوا ذَوِي الْهَيْئَاتِ عَثَرَاتِهِمْ إلاَّ فِي الْحُدُودَ» ([1])، فيَعْتبر المُفْسدين فِي الأَرْض من ذَوي الهَيْئات، ويَعْتبر تَرْويج المُخدِّرات منَ العَثَرات اليَسيرة الَّتي يُقَال أصْحَابُها، ونَسي أو تَنَاسى أنَّهُم ينطبقُ عَلَيْهم حَدُّ الحَرَابَة والإفْسَاد فِي الأَرْض المَذْكُور فِي الآيَة الكَريمَة، وَأنَّ الحَديثَ المَذْكُورَ خَاصٌّ بالتَّعزير عَلَى المَعَاصي الَّتي لا حَدَّ فيهَا، بدَليل قَوْله صلى الله عليه وسلم: «إِلاَّ فِي الْحُدُودَ»، عَلَى أنَّ التَّعزيرَ قَدْ يَصلُ إِلَى القَتْل إِذَا لم يَرْتدع المُخَالفُ عن مُخَالفته إلاَّ به؛ لأنَّهُ أصبحَ من المُفْسدين فِي الأَرْض كَمَا ذكر ذَلِكَ المُحقِّقُون من أَهْل العِلْمِ، كشَيْخ الإِسْلاَم ابْن تَيْمية وغَيْره، مَعَ العِلْمِ بأنَّ هَذَا الحَديثَ الَّذي استدلَّ به وإنْ جَاءَ من عدَّة طُرُقٍ، فَإنَّها كُلُّها لاَ تَخْلُو من مَقَالٍ، كَمَا قَالَ ذَلِكَ الصَّنعاني رحمه الله فِي كِتَاب: «سُبُل السَّلام شَرْح بُلُوغ المَرَام».

ولَيْت الرِّفاعيَّ صَرَف عَطْفه وشَفَقتَه إِلَى ضَحَايا هَؤُلاَء المُفْسدين الَّذين فَسَدت عُقُولُهُم وأبْدَانُهُم حتَّى أَفْضَوا إِلَى المَوت، أَوْ أَصْبَحُوا عالةً عَلَى مُجْتَمعاتهم بسَبَب هَؤُلاَء المُفْسدين المُروِّجين للمُخدِّرات فِي المُجْتَمعات البَشريَّة بدلاً من أنْ يَعْطف ويُشْفق عَلَى المُفْسدين فِي


الشرح

([1])أخرجه: أبو داود رقم (4375)، والنسائي في الكبرى رقم (7254)، وأحمد رقم (25474).