×
البيان لأخطاء بعض الكُتَّاب الجزء الثاني

وأفَادَ قَوْلهُ: «كُفْرًا»، أنَّهُ لا يَكْفي الفُسُوق ولَوْ كَبُر، كالظُّلْم وشُرْب الخَمْر ولَعب القِمَارِ والاسْتئثَار المُحرَّم.

وأَفَاد قَوْلهُ: «عِنْدَكُمْ فِيهِ مِنَ اللَّهِ بُرْهَانٌ»، أنَّهُ لا بُدَّ من دَليلٍ صريحٍ، بحيثُ يكُونُ صَحيحَ الثُّبُوت، صَريحَ الدِّلاَلة، فلا يَكْفي الدَّليلُ ضَعيفُ السَّند، ولا غَامض الدِّلاَلة.

وَأَفَاد قَوْلهُ: «مِنَ اللَّهِ»، أنَّهُ لا عِبْرَة بقَوْل أَحَدٍ منَ العُلَماء مَهْما بَلَغتْ منزلتُهُ فِي العِلْمِ والأمَانة إِذَا لَمْ يكُن لقَوْله دَليلٌ صريحٌ صحيحٌ من كتَاب اللَّه أَوْ سُنَّة رَسُوله صلى الله عليه وسلم، وهَذِهِ القُيُودُ تدُلُّ عَلَى خُطُورة الأَمْر.

وَجُمْلةُ القَوْل: إنَّ التَّسرُّع فِي التَّكفير لَهُ خطرُهُ العَظيمُ؛ لقَوْل اللَّه عز وجل: ﴿قُلۡ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ ٱلۡفَوَٰحِشَ مَا ظَهَرَ مِنۡهَا وَمَا بَطَنَ وَٱلۡإِثۡمَ وَٱلۡبَغۡيَ بِغَيۡرِ ٱلۡحَقِّ وَأَن تُشۡرِكُواْ بِٱللَّهِ مَا لَمۡ يُنَزِّلۡ بِهِۦ سُلۡطَٰنٗا وَأَن تَقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ مَا لَا تَعۡلَمُونَ [الأعراف: 33].

ثانيًا: ما نَجَم عن هَذَا الاعْتقَاد الخَاطئ من اسْتبَاحة الدِّماء، وَانْتهَاك الأعْرَاض، وسَلْب الأَمْوَال الخَاصَّة والعامَّة، وتَفْجير المَسَاكن والمَرْكَبات، وتَخْريب المُنشآت. فهَذِهِ الأعمالُ وأَمْثَالُها مُحرَّمةٌ شرعًا بإجْمَاع المُسْلِمِين؛ لمَا فِي ذَلِكَ من هَتْكٍ لحُرْمة الأنْفُس المَعْصُومة، وهَتْكٍ لحُرْمة الأمْوَال، وهَتْكٍ لحُرُمات الأَمْن والاسْتقرَار، وحَيَاة النَّاس الآمِنِين المُطْمئنِّين فِي مَسَاكنهم ومَعَايشهم، وغُدُوِّهم وَرَوَاحهم، وهَتْك للمَصَالح العَامَّة الَّتي لا غنَى للنَّاس في حَيَاتهم عَنْها.

وقَدْ حفظَ الإِسْلاَمُ للمُسْلِمِين أموالَهم وأعْرَاضَهم وأبْدَانَهم، وحَرَّم انْتهَاكَها، وَشدَّد فِي ذَلِكَ، وكَانَ من آخِرِ ما بَلَّغ به النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم أُمَّته، فقَالَ فِي خُطْبة حَجَّة الوَدَاع: «إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ،


الشرح