×
البيان لأخطاء بعض الكُتَّاب الجزء الثاني

وقَالَ: «لاَ تُطْرُونِي كَمَا أَطْرَتِ النَّصَارَى ابْنَ مَرْيَمَ، إِنَّمَا أَنَا عَبْدٌ فَقُولُوا: عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ»([1]).

وقَالَ صلى الله عليه وسلم وهُو فِي سيَاق المَوْت: «لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى اليَهُودِ وَالنَّصَارَى، اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ»، يُحَذِّرُ مَا صَنَعُوا، وَلَوْلاَ ذَلكَ لَأُبْرِزَ قَبْرُهُ صلى الله عليه وسلم، غَيْرَ أَنَّهُ خُشِيَ أَنْ يُتَّخَذَ مَسْجِدًا ([2])، والرِّفاعيُّ وأمثالُهُ لا يُرْضيهم الاقْتصَارُ عَلَى السُّنَّة؛ لأنَّهُم يُريدُون الغُلُوَّ فِي القَبْر، واتِّخاذه عيدًا ومَحلًّا للدُّعاء عندهُ، وَغَيْر ذَلِكَ من البدَع.

4- وَممَّا عَابهُ عَلَيْهم: مَنْع الغُلُوِّ فِي الأمْوَات عند زيَارة قُبُورهم، والاقْتصَار عَلَى السَّلام عَلَيْهم، والدُّعاء لَهُم - كَمَا هيَ الزِّيارةُ المشرُوعةُ - وَتذكُّر الآخرَة بزيَارَتهم والاسْتعدَاد لَها.

وأقُولُ: هَذَا هُو السُّنَّة فِي زيَارة القُبُور لا مَا يفعلُهُ المُشْركُون حولَهَا من الشِّرْك باللَّه، والغُلُوِّ فيها، وقَدْ لَعَن النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم اليهُودَ والنَّصارى لاتِّخاذهم القُبُور مَسَاجدَ؛ يُحذِّرُ ما صَنعُوا، ونَهَى عن الصَّلاة عندَ القُبُور، وَالدُّعاء عِنْدَها، وَمَنع من البنَاء عَلَيْها، وعَنْ تَجْصيصها والكتَابة عَلَيْها؛ كُلُّ ذَلِكَ من أَجْل مَنْع الغُلُوِّ فيهَا؛ لأنَّ ذَلِكَ يُصيِّرُها أوثانًا تُعْبدُ من دُون اللَّه، كَمَا حَصَل فِي الأُمَم السَّابقَة، وَفِي مُتأخِّري هَذِهِ الأُمَّة لمَّا غَلَوْا فِي القُبُور.

5- وَممَّا عَابهُ عَلَيْهم: مَنْع البنَاء عَلَى القُبُور عملاً بقَوْل النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم لعَليِّ بْن أبي طالبٍ رضي الله عنه: «لاَ تَدَعْ قَبْرًا مُشْرِفًا إلاَّ سَوَّيْتَهُ» ([3]).


الشرح

([1])أخرجه: البخاري رقم (3445).

([2])أخرجه: البخاري رقم (435)، ومسلم رقم (531).

([3])أخرجه: مسلم رقم (969).