وَمنَ العَجيب قَوْلك: وأنَّهُ لَيْسَ للمُنْكر
عَلَى ذَلِكَ دَليلٌ يستطيعُ أن يحتجَّ به، مع وُجُود هَذِهِ الآيَة الكَريمَة
وَالحَديث الصَّحيح، بَل الصَّواب العَكْس، وهُو أن يُقَالَ: لَيْسَ مَعَ
المُجيز دَليلٌ يحتجُّ به.
وقَوْلُك: وانتفاعُ الميِّت بذلك قَدْ
أجمعَ عَلَيْه الثَّلاثَة، تَعْني: شَيْخ الإِسْلاَم ابْن تَيْمية، وابْن القيِّم،
والشَّيخ مُحمَّد بْن عبد الوهَّاب، فيما نَقَلتَ من كَلاَمهم.
نقُولُ لَك: إنَّ الشَّيخ مُحمَّد بْن
عبدٍ الوهَّاب لَيْسَ لهُ فِي ذَلِكَ كلامٌ، والكَلامُ الَّذي نَقَلتهُ من الكتَاب
المَنْسُوب إلَيْه لَيْسَ لَهُ، ولا يُعْرفُ قَائلهُ، حيثُ لا يُعْرَفُ مُؤلِّفُ
الكتَاب، كَمَا سبق بيانُهُ.
وقَوْلك: أَجْمَع عَلَيْه
الثَّلاثةُ، تَعْبيرٌ غيرُ صَحيحٌ؛ لأنَّ اتِّفاق عَدَدٍ من العُلَماء - لَوْ
صَحَّ - لا يُسمَّى إجماعًا، وإنَّما الإجْمَاعُ: اتِّفاقُ عُلَماء الأُمَّة فِي
عَصْرٍ من العُصُور عَلَى حُكْمٍ شَرعيٍّ، وهَذَا لم يَحْصُل فِي هَذِهِ
المَسْألة.
6- قَالَ: إنَّ زيارَة الأحْيَاء
للأمْوَات يَوْم الجُمُعة فيه مَزيَّةٌ جَليلةٌ، وَفَائدةٌ طيِّبةٌ لَهُم، وذَلكَ
لمَا فِي الجُمُعة من فَضِيلةٍ يَعْرفُها النَّاسُ.
وَنقُولُ: تَخْصيصُ يَوْم الجُمُعة
لأفضليَّة زيارَة القُبُور لا دَليلَ عَلَيْه، وقَدْ قَالَ النَّبيُّ صلى الله
عليه وسلم: «زُورُوا الْقُبُورَ، فَإِنَّهَا تُذَكِّرُ بِالْمَوْت» ([1])، ولم يُخصِّص يومَ الجُمُعة، ومَنْ قَالَ بتَخْصيص يَوْم الجُمُعة
بالزِّيارة فعَلَيْه الدَّليل.
وَكَوْن يوم الجُمُعة يَوْمًا فاضلاً لَيْسَ دليلاً لتَخْصيص الزِّيارة فيه، وأنَّها أفْضَلُ من الزِّيارة فِي غَيْره.
([1])أخرجه: مسلم رقم (976).