بَيانُ الخطأ فِي ذَلِكَ القَوْل:
لَيْس فِي كَلاَمهما: أنَّ الأمواتَ يَعْلمُون
بأَحْوَال الأحْيَاء تلقائيًّا، وإنَّما يَعْلمُونها بسَبَب إخْبَار القَادم
عَلَيْهم، وبسَبَب عَرْض الأعْمَال عَلَيْهم.
ثُمَّ إنَّ الشَّيْخين لم يُوردَا فِي ذَلِكَ أدلَّةً صَحيحةً عن النَّبيِّ
صلى الله عليه وسلم، وإنَّما ذَكَرا آثَارًا عن بَعْض السَّلف، وأقوالاً لبَعْض
أَهْل العِلْمِ تحتاجُ إِلَى أدلَّة صَحيحَةٍ من الكتَاب والسُّنَّة.
رَابعًا:
ثُمَّ قَالَ كَاتبُ النُّبذة:
الفصلُ الرَّابعُ: تلقينُ الميِّت عند
الدَّفن.
وَنقلَ كلامًا لشَيْخ الإِسْلاَم ابْن تَيْمية، حَاصلُهُ: أنَّ التَّلقين بعد الدَّفن من الأُمُور المُخْتلَف فيها، وأنَّهُ لم
يَكُن من عَمَل المُسْلِمِين المَشْهُور بَيْنهُم عَلَى عَهْد النَّبيِّ صلى الله
عليه وسلم وَخُلَفائه، وأنَّ الحَديثَ الوَارد فِيهِ لاَ يُحْكمُ بصحَّتِهِ، ولم
يَكُنْ كَثيرٌ منَ الصَّحابة يَفْعلُ ذَلِكَ، وأَعْدَلُ الأقْوَال عندهُ أنَّهُ مُبَاحٌ.
وأقُولُ: هَذِهِ الإشَارَات من
الشَّيخ رحمه الله تَكْفي لمَنْع التَّلقين بعد الدَّفن، وأنَّهُ لَيْسَ
مَشرُوعًا.
وأمَّا قولُهُ رحمه الله: وأَعْدَل الأقْوَال
فيه أنَّهُ مُباحٌ، فَهُو قولٌ فِيهِ نَظرٌ؛ لأنَّ التَّلقين حُكْمٌ شَرعيٌّ،
فيَحْتاج إِلَى دَلِيلٍ صَحِيحٍ من الكتَاب والسُّنَّة، ولَمْ يَصحَّ فيه دَليلٌ،
فَهُو عَملٌ مَمْنُوعٌ.
وَأمَّا فِعْلُ بَعْض السَّلَف لهُ، كَمَا ذكرَ الشَّيخُ رحمه الله فَلاَ
يَكْفي دَليلاً، لا سيَّما وقَدْ خَالَفهُم الأَكْثَرُ.