×
البيان لأخطاء بعض الكُتَّاب الجزء الثاني

 صَٰدِقِينَ [البقرة: 111]، ولَوْ كَانَ الميِّتُ لا ينقطعُ عن عَالَم الأحْيَاء، فَلمَاذا يُدْفنُ ويُقْسمُ مالُهُ وتَتزوَّجُ نساؤُهُ؟

2- قَالَ: إنَّ الميِّت يعرفُ ويسمعُ وَيَرى مَنْ يزُورُهُ، فَهُو يُخَاطبُ مُخَاطبة مَنْ يَرى ويَسْمع ويَعْقل.

نقُولُ: هَذَا من جِنْسِ ما قَبْلهُ، يحتاجُ إِلَى دَليلٍ، ولو كَانَ يُخَاطبُ مُخاطبَة مَنْ يَرى ويَسْمع - كَمَا قُلْت - لَذَهب الصَّحابة يَسْألُون رسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم عمَّا أَشْكَل عَلَيْهم، وَلَذهب النَّاس إِلَى عُلَمائهم الأمْوَات يَتَعلَّمُون منهُم، ويَسْتفتُونهُم فِي مُشْكلاَتهم، إذْ لا فرقَ حِينَئذٍ بَيْن الأحْيَاء والأمْوَات عندَك، وَاللَّهُ يقُولُ: ﴿وَمَا يَسۡتَوِي ٱلۡأَحۡيَآءُ وَلَا ٱلۡأَمۡوَٰتُۚ [فاطر: 22].

3- قَالَ: إنَّ أعْمَالَ الأحْيَاء تُعْرض عَلَى الأمْوَات، وَأنَّهُم عَلَى عِلْمٍ بمَا يفعلُهُ الحيُّ من أَقَاربه، ويَسْتبشرُ ويَفْرحُ بعَمَله الصَّالح، كَمَا أنَّهُ يَدْعُو لهُ إنْ رأَى غَيْر ذَلِكَ.

وَنقُولُ: لَمْ يَثْبت هَذَا عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، وإنَّما الوَاردُ فيه أقوالٌ لبَعْض العُلَماء تحتاجُ إِلَى دَلِيلٍ، وقَدْ صَحَّ أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم يومَ القيَامَة إِذَا صرفَ بَعْض أُمَّته عن حَوْضه يقُولُ: «أُمَّتِي أُمَّتِي..» فَيُقَالُ لَهُ: «إِنَّكَ لاَ تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ» ([1]).

ثُمَّ قَوْلك: إنَّ الميِّت يَدْعُو للحيِّ، فيه فتحٌ لبَاب الشِّرْك، وذَلكَ بطَلَب الأحْيَاء من الأمْوَات قضاءَ حَاجَاتهم، والدُّعاء لهُم.

4- قَالَ: إنَّ التَّلقينَ للميِّت عَملٌ قَدْ عَملهُ عَددٌ من الصَّحَابة أجْمَعين، وفِيهِ حَديثٌ عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وَإن اخْتلفَ فِي دَرَجة صِحَّتِهِ فَقَد جَرى عَلَيْه عَملُ النَّاس من قَدِيمٍ إِلَى الآن، كَمَا قَالَ ابنُ القَيِّم.


الشرح

([1])أخرجه: البخاري رقم (6582)، ومسلم رقم (400).