وصِبْيَانِهم ونِسَائِهِم، وينهى عنِ التَّمثيلِ بقتْلاَهُم؛ فأيُّ تعامُلٍ
على وجْهِ الأرضِ معَ العدوِّ أحسن من هَذَا التَّعامل، وحرَّم صلى الله عليه وسلم
قتْلَ المُعاهَدِينَ منهم فقال: «مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَرَحْ رَائِحَةَ
الْجَنَّةِ» ([1]). مع أنَّهم هم يُبْغِضُونَنا أشدّ البُغضِ كمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿إِن يَثۡقَفُوكُمۡ
يَكُونُواْ لَكُمۡ أَعۡدَآءٗ وَيَبۡسُطُوٓاْ إِلَيۡكُمۡ أَيۡدِيَهُمۡ
وَأَلۡسِنَتَهُم بِٱلسُّوٓءِ وَوَدُّواْ لَوۡ تَكۡفُرُونَ﴾ [الممتحنة: 2]، وقَالَ تَعَالَى: ﴿كَيۡفَ وَإِن يَظۡهَرُواْ
عَلَيۡكُمۡ لَا يَرۡقُبُواْ فِيكُمۡ إِلّٗا وَلَا ذِمَّةٗۚ﴾ [التوبة: 8]، وقَالَ تَعَالَى: ﴿هَٰٓأَنتُمۡ أُوْلَآءِ تُحِبُّونَهُمۡ وَلَا يُحِبُّونَكُمۡ
وَتُؤۡمِنُونَ بِٱلۡكِتَٰبِ كُلِّهِۦ وَإِذَا لَقُوكُمۡ قَالُوٓاْ ءَامَنَّا
وَإِذَا خَلَوۡاْ عَضُّواْ عَلَيۡكُمُ ٱلۡأَنَامِلَ مِنَ ٱلۡغَيۡظِۚ قُلۡ مُوتُواْ
بِغَيۡظِكُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمُۢ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ ١١٩ إِن
تَمۡسَسۡكُمۡ حَسَنَةٞ تَسُؤۡهُمۡ وَإِن تُصِبۡكُمۡ سَيِّئَةٞ يَفۡرَحُواْ بِهَاۖ
وَإِن تَصۡبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لَا يَضُرُّكُمۡ كَيۡدُهُمۡ شَيًۡٔاۗ إِنَّ
ٱللَّهَ بِمَا يَعۡمَلُونَ مُحِيطٞ﴾ [آل عمران: 119، 120]، وقَالَ تَعَالَى: ﴿۞لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ ٱلنَّاسِ عَدَٰوَةٗ لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱلۡيَهُودَ وَٱلَّذِينَ أَشۡرَكُواْۖ﴾ [المائدة: 82]، وقَالَ
تَعَالَى: ﴿مَّا
يَوَدُّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ وَلَا ٱلۡمُشۡرِكِينَ أَن
يُنَزَّلَ عَلَيۡكُم مِّنۡ خَيۡرٖ مِّن رَّبِّكُمۡۚ﴾ [البقرة: 105]، وهذا ظَاهِرٌ من تصرُّفاتِهِم مع المُسْلِمِينَ اليوم من
التقتيلِ والتَّشريدِ والتَّنكيلِ وتدْمِيرِ البُلدان على من فيها دون هَوادةٍ أو
رَحمةٍ.
ومع هَذَا فالمُسلمون إذا تمكَّنوا منهم لم يعاملوهم بالمثلِ؛ عملاً بما
يمليه عليهم دينُهم القيِّمُ فكيف يقالُ: إنَّ دينَ الإسلامِ دينُ الإرهابِ
والوحشيَّةِ؟
وأنَّ الدَّعواتِ الإصلاحيَّة في الإسلامِ - كدعوة الشَّيخِ الإمامِ ابن تيمية ودعوة الشَّيخِ الإمامِ مُحمَّدِ بن عبد الوهَّاب وغيرهما من دعوات
([1])أخرجه: البخاري رقم (3166).