كما
أنَّ ما يخبرون به لـمَّا اشتبه صِدْقُه بكذبِه تُرك الجميع.
***
قوله: «وَتَنَاوَلَ قُصَّةً مِنْ شَعَرٍ، كَانَتْ فِي يَدَيْ حَرَسِيٍّ...» هذا حديث عظيم، مفاده أنَّ معاوية رضي الله عنه أمير المؤمنين لما رأى فِعْل بعض الناس في وقت حكمـه - وقـد قَدِم المدينة النبويَّة - خطب النَّاس على المِنبر وأنكر هذا الفعل، وهو تشبه نساء المسلمين بنساء الكفار في وصْل شعورِهنَّ والتزيُّن بما ليس من خِلْقتِهن، والذي هو من باب التزوير، ثم ذكر معاوية أنَّ هذا مما هلكت به بنو إسرائيل، فحذّر من وصل الشعر بشعر غيره، وذكر أنه من الزور، ولهذا جـاء في الحديث الآخَـر: «لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْوَاصِلَةَ، وَالْمُسْتَوْصِلَةَ، وَالْوَاشِمَةَ، وَالْمُسْتَوْشِمَةَ» ([1])، وما أكثر ما ابتُليت به النساء المسلمات اليوم من التشبّه بالكافرات في شعورهنَّ، فمنهُنَّ مَن تقصُّه وتدرِّجه، ومنهُنَّ من تجعله على شكل جمَّة الرَّجل فتتشبَّه بالرِّجال، وتحلّ عليها اللعنة، ومنهن من تغيِّر لونه وتصبغه بصبغة توافق ما عليه ألوان شعور الكافرات، وتغيِّر لونه الجميل الأسـود إلى لون يشبه شعور الكافرات، وهذا من الابتلاء والامتحان وتزيين الشيطان، ولهذا فإنَّ معاوية رضي الله عنه أنكر هذا الفعل على المنبر، ثم روى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم بيّن أنَّ وصل الشعر - وإن كان بالـخُرق - محرَّمٌ. وقِسْ على ذلك ما تفعله بعض المسلمات اليوم من تغيير لون العيون ليوافق اللباس أو الشعر، فهذا من التشبُّه الذي ابتليت به كثير من المسلمات، ومن ذلك أيضًا ما تفعله بعض النساء من النَّمص، والنمص: هو أخذ شعر الحاجبين،
([1])أخرجه: البخاري رقم (5940)، ومسلم رقم (2124).