×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الثاني

وقوله: «ألا تركب وننظر لنعتبر...» حاصل مـا في هـذه القصة أن القوم ركبـوا وذهبوا إلى بلدةٍ هالِكة قد فني أهلهـا، وخَـوَتْ على عروشها، فسأل صاحبـه عنها: هل تعرفهـا؟ قال: أعرِفُها وأعرِفُ أهلَها، فذكر أنَّهم عصَوا الله عز وجل وخالفوا أوامره، فدمَّرها اللهُ عليهم، وهذا يُذكر من باب العِبرة والاتِّعاظ بأحـوال السَّابقين، والله جل وعلا أمرنا أن نعتبر بأحوال السابقين المخالفين من أجل أن نجتبَ ما فعلوه، لئلاَّ يحلَّ بنا ما حلَّ بهم. فالمقصود من النظر في آثار السابقين: العظة والعبرة، وليس كما يفعل البعض لأجل تعظيمهم والافتخار بحضارتهم، ولهذا ينبغي للإنسان ألاَّ يدخل هذه الدِّيار إلاَّ كما ذكر النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «إِلاَّ أَنْ يَكُونَ بَاكِيًا، خَشْيَةَ أَنْ يُصِيبَهُ مَا أَصَابَهُمْ» ([1]) فلقد ذكر الرَّاوي أنَّهم أهلُ حسد، وأنَّ الحسد حملَهم على البغي، والحسد: هو تمنِّي زوال النِّعمة عن المحسود، وهي صفةُ إبليس حينما حسدَ آدم عليه السلام، وهي صِفةُ اليهود حينما حسدوا محمدًا صلى الله عليه وسلم وأُمَّتَه، وصِفَة أحد ابني آدم لما قتل أخاه بسبب الحسد، فالحسد حمل إبليس على أن بغى وتكبَّر عن أمرِ الله عز وجل. فالحسد مرض عضال يحمل صاحبه على البغي، والتَّعدي على دماء الناس وأموالِهم وأبدانهم وأعراضهم، والبغيُ مَرْتعه وخيم والعياذ بالله.

وقوله: «وَالْعَيْنُ تَزْنِي وَالْكَفُّ...» العين زناها النظر، والكف يزني باللمس للشهوة، فالأعضاء تزني بمعنى أنها تفعل شيئًا من أسباب الزنا،


الشرح

([1])أخرجه: البخاري رقم (433)، ومسلم رقم (2980).