×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الثاني

وقوله: «وذلك أنه ما من فعل في الغالب إلاَّ وقد يسمى خفيفًا بالنسبة إلى ما هو أطول منه...» المقصود: أن مسألة التطويل والتخفيف مسألة نسبية لا حدّ لها، لذلك يُرجع فيها - أي: العبادات - إلى الشارع، فنحن نرجع في التخفيف والتطويل إلى ما كان يفعله الرسول صلى الله عليه وسلم في صلاته، ولا نرجع إلى عرف الناس؛ لأنَّ الناس يختلفون، وهذه أمور عبادة إنما يرجع فيها إلى القرآن والسُّنَّة وفعل الرسول صلى الله عليه وسلم. أما الذي يُرجع فيه إلى العُرْف فيكون في مسائل الأموال والنفقات وكسْوة النساء، والمقصود بالعرف: ما تعارف عليه الناس في تعاملاتهم وأمورهم العادية، ومثال ذلك مسألة الحرز في السرقة، فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يحدّد الحرز، ولذلك قالوا: حرزُ كل شيءٍ بحسبه، فحرز الذهب يختلف عن حرز الحطب، فكل شيء حرزُه بحسبه، والحرز في البلد الذي فيها إمام سلطانه قويّ يختلف عن البلد الذي فيه سلطان ضعيف، وربما يكون هذا الشيء حرزًا في بلد دون البلد الآخر، فيختلف باختلاف العُرف، وكذلك بقية الأمور التي أُحيلت إلى عرف الناس، وهذا بخلاف العبادات التي يُرجع فيها إلى الشارع.

وقوله: «ولأنه لو جاز الرجوع فيه إلى عرف الناس في الفعل...» يعني: لو وَكَلَنا الله إلى العرف في التخفيف والتطويل في الصلاة لحصل النزاع ولحصلت الفرقة بين الناس؛ لأنَّ الناس يختلفون في أعرافهم وفي عاداتهم، والصلاة وأمور الدين لا يجوز النزاع والافتراق فيها، فلذلك من رحمة الله أن أمرنا بالرجوع إلى كتاب الله وسنّة


الشرح