فهذه الأحاديث وأمثالُها
تُبيِّن أنَّه صلى الله عليه وسلم كان في آخِر حياته يُصلِّي في الفجر بِطوال
المُفصَّل، وشواهد هذا كثيرة. ولأنَّ سائرَ الصحابة اتَّفقوا على أنَّ هذه كانت
صلاة رسولِ الله صلى الله عليه وسلم التي ما زال يُصلِّيها، ولم يذكر أحد أنَّه
نقصَ صلاتَه في آخِر عُمُرِه عمَّا كان يُصلِّيها، وأجمعَ الفقهاء على أنَّ
السُّنَّة أن يقرأ في الفجر بطوالِ الـمُفصَّل.
وقوله: ولا
يُصلِّي صلاة هؤلاء، إمَّا أن يُريدَ به مَن كان يُطيل الصَّلاة على هذا، أو مَن
كان ينقصها عن ذلك، أي: أنَّه صلى الله عليه وسلم كان يُخفِّفها، ومع ذلك فلا
يحذِفُها حَذْف هؤلاء الَّذين يحذِفون الرُّكوع والسُّجود والاعتدالين، كما دلَّ
عليه حديث أنَسٍ والبَراء، أو كان أولئك الأُمراء ينقصون القراءة، أو القراءة
وبقيَّة الأركان، عمَّا كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يَفْعَلُه.
***
قوله: «فهذه الأحاديث
وأمثالها تبيِّن أنه صلى الله عليه وسلم كان في آخر حياته يصلي في الفجر...»
أي: أنَّ هذا ما تقرَّر من الأدلة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في
الفجر بطوال المفصل كسورة ق، والطور، وأحيانًا يقرأ بغير المفصل مثل سورة ﴿قَدۡ أَفۡلَحَ
ٱلۡمُؤۡمِنُونَ﴾ [المؤمنون: 1] فالحاصل: أنه يطيل القراءة في الفجر.
وقوله: «ولأنَّ سائر
الصحابة اتفقوا على أنَّ هذه كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم التي ما زال
يصليها...» يعني: اتفق الصحابة على أنَّ السُّنَّة أن يطيل القارئ القراءة في
الفجر، وأن يقرأ من طوال المفصل؛ لأنَّ الله قال: ﴿وَقُرۡءَانَ ٱلۡفَجۡرِۖ إِنَّ قُرۡءَانَ ٱلۡفَجۡرِ كَانَ مَشۡهُودٗا﴾ [الإسراء: 78]، فسمّى صلاة الفجر قرآنًا؛ لأنها تطول فيها القراءة أكثر من
غيرها، ومعنى ﴿مَشۡهُودٗا﴾ أي: تَشْهُدها الملائكة الحَفَظَة، ملائكة الليل