×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الثاني

 والغاشية، ولقد كان الصحابة يحفظون خطبه صلى الله عليه وسلم لقصرها حيث كانت كلمات مباركات عظيمة النفع فيها توجيه وعلم، وفيها موعظة وتذكير، وفيها بركة وخيرٌ كثير، فليست العبرة بكثرة الكلام، وإنما العبرة بالمضمون، وجزالة اللفظ وقوة الأداء، وأما الكلام الكثير من غير ضبط وفهم فلا فائدة فيه، وهو مخالف للسُّنة، ولا يؤدي الغرض المطلوب. فالواجب على الخطباء أن يتأمّلوا خطب النبي صلى الله عليه وسلم، فيقصروا الخطبة ويُجزلوا اللفظ ويركِّزوا موضوعها حتى يفهمها السامع؛ لأنهم يخطبون في جَمْع كثير، والمجتمعون مختلفون في إدراكهم وفهمهم فلا يركِّزوا على الفئة المتعلمة ويتركوا العوام من الناس، أو يركِّزوا على العوام ويتركوا فئة المتعلمين، بل الواجب أن يراعوا الجميع، فالجمعة يحضرها الأعرابي والحضري، ويحضرها المتعلم والجاهل، فلا بدَّ من مراعاة جميع هذه الفئات، والموازنة بينها جميعًا، وهذا يقتضي من الخطيب أن يعدَّ الخطبة الجزْلة المفيدة القصيرة المختصرة التي يستوعبها الحاضرون ولا يملّونها. والواجب عليهم أن يقصروا الخطبة، ويطيلوا الصلاة، لا أن يفعلوا العكس، فبعضهم يخطب ساعةً كاملة دون توقف، وينصرف الناس ولم يستفيدوا شيئًا، وإنما استفادوا التعب والسآمة والملل، ثم إذا جاءت الصلاة صلاّها سريعة، فيقرأ في كل ركعة آية أو آيتين، أو سورة قصيرة، فيكون قد خالف السُّنَّة مخالفة واضحة.


الشرح