فهذا بسبب أنهم عملوا عملاً لم يؤمروا به، ولم
يُشْرَع لهم، فأفضى بهم إلى الخروج عن جادّة الصواب، فلا تجد عندهم اعتدال
واستقامة، وإنما غلوّ وتطرّف، أو تساهل وتضييع.
وقوله: «وفي هذا تنبيه على كراهة النبي صلى الله عليه وسلم مثل ما عليه النصارى...» وما كرهه النبي صلى الله عليه وسلم وقع لبعض هذه الأمّة من العبّاد والمتصوّفة الذين شدّدوا على أنفسهم، فآل بهم الأمر إلى الوقوع في الضلال؛ لأنهم خرجوا عن الحق فوقعوا في الباطل، والله جل وعلا يقول: ﴿فَمَاذَا بَعۡدَ ٱلۡحَقِّ إِلَّا ٱلضَّلَٰلُۖ﴾ [يونس: 32]، فالذي يحيد عن الحق يقع في الضلال، والحق: هو الاعتدال والاستقامة، وهو الصراط المستقيم الذي أمرنا الله بسلوكه، قال سبحانه: ﴿وَأَنَّ هَٰذَا صِرَٰطِي مُسۡتَقِيمٗا فَٱتَّبِعُوهُۖ﴾ [الأنعام: 153]، وهذا الصراط هو الذي نسأل الله أن يهدينا إياه في كل صلاة: ﴿ٱهۡدِنَا ٱلصِّرَٰطَ ٱلۡمُسۡتَقِيمَ﴾ [الفاتحة: 6] يعني: المعتدِل، والاعتدال مطلوب في جميع الأمور، ولا سيَّما في العبادات.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد