×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الثاني

 النبي صلى الله عليه وسلم أنَّ كلَّ العلم من علمه صلى الله عليه وسلم، حتى علم اللوح المحفوظ، والقلم الذي كتب الله به المقادير، وأنَّ الدنيا والآخرة من جود النبي صلى الله عليه وسلم. وقد يكون الغلوّ في الذمّ، والأصل أن يذمّ المرء إذا كان مستحقًّا للذّم بقدر ما فعل، ولا يُزاد في ذمِّه عن الحدّ المطلوب.

وقوله: «والنصارى أكثر غُلوًّا في الاعتقادات والأعمال من سائر الطوائف...» المقصود: أنَّ اليهود أشد الناس تساهلاً في أحكام الله سبحانه وتعالى والتفريط فيها، حتى إنهم احتالوا على أكل الربا، واحتالوا لما حرّم الله عليهم الصيد يـوم السبت، بأن ألقوا الشباك يوم السبت، وأخذوا الصيد يوم الأحد، فهم أهل حيل ومكر وخديعة للتخلص من دين وأوامر الله، ويشبههم من هذه الأمّة من يفعل هذه الأفعال للتخلص من الأحكام الشرعية بالحيل - والعياذ بالله-. أما النصارى فمن سمتِهم الغُلوّ والزِّيادة، على عكس ما عليه اليهود، ومن ذلك الرهبانية التي ابتدعوها، والغُلوّ في المسيح عليه السلام، حيث قال الله عز وجل: ﴿يَٰٓأَهۡلَ ٱلۡكِتَٰبِ لَا تَغۡلُواْ فِي دِينِكُمۡ وَلَا تَقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ إِلَّا ٱلۡحَقَّۚ إِنَّمَا ٱلۡمَسِيحُ عِيسَى ٱبۡنُ مَرۡيَمَ رَسُولُ ٱللَّهِ [النساء: 171] أي: لا تغالوا في الإطراء والمدح، فإنَّ عيسى ليس إله ولا ثالث ثلاثة، بل هو عبد الله ورسوله.وسبب هذا اللفظ العامّ رَمي الجمار، وهو داخل فيه، فالغلوُّ فيه مثل رمي الحجـارة الكبار ونحو ذلك، بناءً على أنَّه قد بالغ في الحصى الصِّغار، ثم علَّل ذلك بأنَّ ما أهلَكَ مَن كان قبلَنا إلاَّ الغلوُّ في الدِّين.


الشرح