-يعني: القارئ - فرفع يده، فإذا آية الرجم تلوح، فأمـر النبيُّ صلى الله عليه وسلم بالزاني فرُجم، ونفّذ فيه حُكم الله، والرسول صلى الله عليه وسلم لا يريد الاحتجاج بما في التوراة؛ لأنَّ هذا هو حكم الله في القرآن، وفيما أنزل الله عليه، ولكن أراد أن يقيم عليهم الـحُجّة بما عندهم، ويبيِّن كذبَهم وافتراءَهم على الله سبحانه وتعالى ففضحهم الله في هذه القضيَّة. في المقابل حدثت في عهده صلى الله عليه وسلم حادثة مشابهة لتلك الحادثة، وهي أنّ امرأةً مِن بني مخزوم - وبنو مخزوم بطن من بطون قريش - سرقت، فأراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يقطع يدها تنفيذًا لقوله تعالى: ﴿وَٱلسَّارِقُ وَٱلسَّارِقَةُ فَٱقۡطَعُوٓاْ أَيۡدِيَهُمَا جَزَآءَۢ بِمَا كَسَبَا نَكَٰلٗا مِّنَ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٞ﴾ [المائدة: 38]، وقد شقَّ ذلك على قومها أن تُقطع يد امرأةٍ منهم، وهم معروفون بمكانتهم بين القبائل، فجاؤوا إلى أسامة بن زيد رضي الله عنهما ليكلم النبي صلى الله عليه وسلم ويشفع فيها، فلما كلم أسامة الرسول صلى الله عليه وسلم في ذلك، غضب الرسول صلى الله عليه وسلم غضبًا شديدًا على أسامة، وقال له: «أَتَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ؟! وَايْمُ اللَّهِ لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا، إِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمْ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمْ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ» ([1])، فالنبيُّ صلى الله عليه وسلم أراد أن ينفِّذ حكم الله، وذكَّر المسلمين بما كان عليه أهل الكتاب من قبل، وهو أنهم كانوا لا ينفِّذون الحدود على الشرفاء وذوي الجاه والمكانة وإنما ينفذونه على الضعفاء، فخشي على أُمَّته أن تسلك هذا المسلك الذي سلكه أهل الكتاب، وأمر أن تُنفَّذ
([1])أخرجه: مسلم (205).