×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الثاني

 الحدود على الضعيف والشريف، فالله جل وعلا يقول: ﴿وَلَا تَأۡخُذۡكُم بِهِمَا رَأۡفَةٞ فِي دِينِ ٱللَّهِ إِن كُنتُمۡ تُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِۖ [النور: 2]، وهذا هو العدل الذي قامت به السماوات والأرض. وقال صلى الله عليه وسلم: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا» هذا من باب الفرض، وإلاّ فحاشا فاطمةَ رضي الله عنها أن تسرق، وهذا كقوله لنبيه: ﴿وَلَقَدۡ أُوحِيَ إِلَيۡكَ وَإِلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِكَ لَئِنۡ أَشۡرَكۡتَ لَيَحۡبَطَنَّ عَمَلُكَ [الزمر: 65]، وقال تعالى: ﴿وَلَوۡ أَشۡرَكُواْ لَحَبِطَ عَنۡهُم مَّا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ[الأنعام: 88]، يعني: الأنبياء لو أشركوا لحبط عملهم وحاشاهم من ذلك، فالشِّرك يحبط الأعمال من جميع الناس، حتى من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام لو أشركوا، فكيف بغيرهم؟ فالمقصود: أنَّ إقامة الحدود على الضعفاء وترك الشرفاء فيه تشبّه بأهل الكتاب الذين نهانا الله عن التشبّه بهم، وما يفعله بعض الملوك والحكام من عدم إقامة الحدود على ذوي الجاه والسلطان والمال متذرِّعين بأن هذا من السياسة ومن المصلحة، فيقال لهم: المصلحة والسياسة الصحيحة في تنفيذ الحدود على الجميع، حتى يرتدع الناس، ولو أنَّ الحدود نُفِّذت كما أمر الله لخلا المجتمع من هذه الجرائم، ولسَلِمَ الشرفاء والضعفاء، ولسَلِم الرؤساء والمرؤوسون ومَن دونهم؛ لأن عدم المساواة في العقوبة يؤدي إلى انتشار الظلم والبغضاء، وبالتالي الاعتداء وسفك الدماء. والتراخي في تنفيذ الحدود هو السبب في انتشار الجرائم في المجتمع واختلال الأمن، فإذا كان ولاة الأمور يريدون ضبط الأمن، فلينفِّذوا الحدود على الكبير والصغير


الشرح