×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الثاني

 والشريف والوضيع، وأن لا يتباطؤوا في تنفيذها، بل تُنفَّذ في الحال إذا توفّرت شروطها، حتى يرتدع الناس، هذا هو الواجب على ولاة الأمور - وفَّقهم الله وسدَّد خطاهم. فبيَّن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنَّ هَلاك بني إسرائيل إنما كان في تخصيص رؤساء الناس بالعفو عن العقوبات، فقال: لو أنَّ فاطمة ابنته - التي هي أشرف النساء - سرقت، وقد أعاذها الله من ذلك، لقطع يدها، ليبيِّن صلى الله عليه وسلم أنَّ وجوب العدل والتعميم في الحدود لا يُستثنى منه بنت الرسول، فضلاً عن بنت غيرِه.

فالنبيّ صلى الله عليه وسلم ضرب هذا المثل لأمرين:

أولاً: لكي يزيل الحرج من نفوس بني مخزوم، حيث أَنِفُوا وهم من قريش من أن تُقطع ابنتهم، فلما قال النبي صلى الله عليه وسلم - وهو الصادق المصدوق - أنَّ ابنته لو سرقت لقطع يدها زال هذا الحرج، لا سيّما وهي أشرف النِّساء على الإطلاق.

ثانيًا: ليبيِّن صلى الله عليه وسلم أنَّه لا مراعاة في إقامة الحدود للشرف والسلطان، بل الحدود تُقام على الكبير والصغير، وعلى الشريف والوضيع، لا يحابى فيها أحد على الآخر، وقد جاء النَّهي الشديد عن التساهل في إقامة الحدود بعد بلوغها السلطان، حتى أنَّ أسامة نَدِم على تشفّعِه ندمًا شديدًا، وتمنَّى ألاَّ يكون فعل، لِـما رأى من تغيُّظ النبيُّ صلى الله عليه وسلم مع أنَّه مِن أحبِّ الناس إليه.


الشرح