×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الثاني

وكفى بذلك زاجرًا لنا أن نتجنَّب هذا، لأننا منهيّون عن التشبُّه باليهود والنَّصارى، ثم إنَّه صرَّح فقال: «أَلاَ فَلاَ تَتَّخِذُوا الْقُبُورَ مَسَاجِدَ» صرَّح بالنَّهي، ثم إنَّه أكَّد ذلك بقوله: «فَإِنِّي أَنْهَاكُمْ عَنْ ذَلِكَ»، فهذه ثلاثة أمور كلُّها تؤكد تحريم التشبُّه باليهود والنصارى في هذا الأمر الخطير المخلّ بالعقيدة، وهي:

أولاً: أنَّه ذكر أنَّ هذا من قِبل اليهود والنَّصارى، ونحن قد نُهينا عن التشبُّه بهم، فيما هو أقلُّ من ذلك، فكيف بهذا الأمر الخطير؟

ثانيًا: صرَّح بالنهي فقال: «أَلاَ فَلاَ تَتَّخِذُوا قُبُورَهُمْ مَسَاجِدَ».

ثالثًا: قال: «فَإِنِّي أَنْهَاكُمْ عَنْ ذَلِكَ» بل إنَّه صلى الله عليه وسلم لعن مَن فعل هذا الفعل في حديث آخر، فقال: «لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى»، لماذا؟ لأنهم «اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ» ([1])، فدلَّ على أنَّ من يفعل هذا الفعل ملعون، مع أنَّه يزعم أنّه يطلب الأجر والثواب والقرب من الله، وملعون، أي: مطرود من رحمة الله سبحانه وتعالى وما استحقّ اللّعن إلاَّ لِعظم الجرم، كيف لا وهو إما أن يكون شركًا أو وسيلة إليه؟! وقوله صلى الله عليه وسلم: «لَوْ أَنِّي اتَّخَذْتُ مِنْ أَهْلِ الأَْرْضِ خَلِيلاً لاَتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلاً» هذا معناه: أنَّه صلى الله عليه وسلم لم يتّخذ خليلاً مِن أُمَّته؛ لأنه خليل الله جل وعلا كما أنَّ إبراهيم خليل الله، والخليل لا يُشارك في الـخُلَّة. وأمَّا المحبة، فإنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يحبّ أبا بكر، فهو أحبُّ الناس إليه، ويحبّ أصحابه، والمؤمنين، فالمحبة: أن تُحبَّ الله عز وجل وتحبّ رسوله


الشرح

([1])أخرجه: البخاري رقم (435)، ومسلم رقم (531).