×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الثاني

 ثم قال صلى الله عليه وسلم في ختام هذه الخطبة العظيمة: «وَأَنْتُمْ تُسْأَلُونَ عَنِّي، فَمَا أَنْتُمْ قَائِلُونَ؟» قَالُوا: نَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ بَلَّغْتَ... أراد أن يقيم عليهم الحجة بأنَّه قد بلَّغهم، فقال صلى الله عليه وسلم: «إِنَّكُمْ مَسْئُولُونَ عَنِّي يوم القيامة، فَمَاذَا أَنْتُمْ قَائِلُونَ؟» قَالُوا: نَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ بَلَّغْتَ وَنَصَحْتَ، وَأَدَّيْتَ، ثُمَّ قَالَ صلى الله عليه وسلم بِأُصْبُعِهِ السَّبَّابَةِ يَرْفَعُهَا إِلَى السَّمَاءِ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ: «اللَّهُمَّ اشْهَدْ»، فدلّ على أنه، قد بلَّغ البلاغ المبين الذي أمره الله سبحانه به، فقال: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلرَّسُولُ بَلِّغۡ مَآ أُنزِلَ إِلَيۡكَ مِن رَّبِّكَۖ [المائدة: 67]، ﴿إِنۡ عَلَيۡكَ إِلَّا ٱلۡبَلَٰغُۗ [الشورى: 48]، فهو بلَّغ صلى الله عليه وسلم بشهادة أُمَّته له بذلك، والله جل وعلا يقول ﴿فَلَنَسۡ‍َٔلَنَّ ٱلَّذِينَ أُرۡسِلَ إِلَيۡهِمۡ وَلَنَسۡ‍َٔلَنَّ ٱلۡمُرۡسَلِينَ [الأعراف: 6]، أي: أنَّ الأمم تُسأل يوم القيامة، هل بلَّغها رسلُها؟ ويُسأل كذلك الرسل، قال عز وجل: ﴿مَاذَآ أُجِبۡتُمۡۖ قَالُواْ لَا عِلۡمَ لَنَآۖ إِنَّكَ أَنتَ عَلَّٰمُ ٱلۡغُيُوبِ [المائدة: 109]. وهذه الأُمَّة - ولله الحمد - تشهد لنبيهـا صلى الله عليه وسلم بالبلاغ المبـين في ذاك الموقف العظيم، فنحن نشهد أنَّه صلى الله عليه وسلم قد بلَّغ البلاغ المبين، فها هو القرآن العظيم يُتلى ويرتّـل كما أُنزل على محمد صلى الله عليه وسلم، لم يسقط منه حـرف أو كلمة أو آية، ولم يحرّف أو يبـدّل، وكذلك سُنَّته صلى الله عليه وسلم، قد حُفظت لنا، ودوِّنت، ونظِّمت تحت أبواب وكتب، بحيث يسهل رجوعنا إليها عند الحاجة، وكأنّ الرسول صلى الله عليه وسلم حاضر بين أظهرنا، ولهذا قال: «عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ مِنْ بَعْدِي».

وقوله: «ثم أذَّن فأقام فصلّى الظهر، ثم أقام فصلّى العصر، ولم يُصلِّ بينهما شيئًا، ثم ركب...» المقصود: أنه بعد الخطبة أمـر المؤذن


الشرح