×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الثاني

وقوله: «أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانَةِ اللهِ» أي: ائتمنكم الله عليهنّ، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: «إِذَا أَتَاكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ خُلُقَهُ وَدِينَهُ فَزَوِّجُوهُ، إلاَّ تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَْرْضِ وَفَسَادٌ عَرِيضٌ» ([1])، فلا تزوج المرأة إلاَّ بمن يتصف بصفتين: الدِّين والأمانة، فإذا اتصف بهاتين الصفتين صار كفؤًا للمرأة، أما إذا لم يكن أمينًا فإنه لا يُزوّج، أو كان أمينًا لكنّ دينه ليس بالقوي، فإنَّه لا يُزوّج، لما يترتب على ذلك من المفاسد.

وقوله: «وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللهِ» أي: بعقد النكاح، فإنَّ الأصل في الفروج التحريم، ولا يحلّ منها شيء إلاَّ بالعقد الشرعي الصحيح، وهو كلمة الله عز وجل وهي الإيجاب والقبول مع وجود الولي والشهود، ثم إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان، مع القيام بنفقتهنّ وكسوتهنّ وسكنهنّ.

وقوله: «وَلَكُمْ عَلَيْهِنَّ ألاَّ يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَدًا تَكْرَهُونَهُ» لما ذكر النبي حق المرأة على الزوج، ذكر هنا حق الزوج على الزوجة؛ لأنَّ الحقوق متبادلة، قال الله عز وجل: ﴿وَلَهُنَّ مِثۡلُ ٱلَّذِي عَلَيۡهِنَّ بِٱلۡمَعۡرُوفِۚ وَلِلرِّجَالِ عَلَيۡهِنَّ دَرَجَةٞۗ وَٱللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [البقرة: 228] ومن حق الزوج على زوجته ألاَّ تُدخل بيته أحدًا إلاَّ بإذنه؛ لأنَّ البيت ملك له، ولا تُجلِس أحدًا على فراشه، ولا تتصرّف بشيء إلاَّ بإذنه. وإذا نشزت المرأة على زوجها، فمنعت حقًّا له عليها، كالاستمتاع، أو إدخال البيت لمن لم يأذن له أو خروجها منه بغير إذنه، فإنَّ له أن يعزِّرها بما يردعها:


الشرح

([1])أخرجه: الترمذي رقم (1084)، وابن ماجه رقم (1967)، والحاكم رقم (2695).