×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الثاني

 «السِّنّ والظفُر». ثم علّل صلى الله عليه وسلم، ذلك بقوله: «وَسَأُحَدِّثُكُمْ عَنْ ذَلِكَ» يعني: سأبيّن لكم وجه المنع من الذّكاة بالسِّنِّ والظّفر: «فَأَمَّا السِّنُّ فَعَظْمٌ» فدلّ على أنَّه لا يحل الذّكاة بالعظام بجميع أنواعها. والظُّفُر وإن كان حادًّا يقطع الجلد فلا تحل الذّكاة به، فيعمُّ جميع الأظفار، والعلة في منع الذكاة بهما في ذلك أنهما مدى الحبشة، وهذا وجه الشاهد من الحديث، ومعلوم أنَّ الحبشة كفار، ونحن منهيّون عن التشبّه بهم، وعن الذّكاة بآلاتهم ومديّهم.

قوله: «وقد اختلف الفقهاء في هذا: فذهب أهل الرأي إلى...» يعني: حصل الخلاف في حكم الذّكاة بالسِّنّ والظُّفُر وإن كانا حادَّين، فأصحاب الرأي - وهم الذين يقولون بالقياس من الحنفية وغيرهم - أباحوا الذكاة بهما إذا كانا منفصلين وحصول المقصود، وهو إنهار الدم، وحملوا نهي النبي صلى الله عليه وسلم عنهما إذا كانا متّصلين. وأما الجمهور: فإنهم أخذوا بعموم الحديث، وقالوا: العلَّة ليست عدم الانفصال فيكون من قبيل الخنق كما يقول أصحاب الرأي، وإنما العلّة ما علَّل به الرسول صلى الله عليه وسلم من كون السِّنّ عظمًا وكون الظُّفْر مُدى الحبشة، وتعليل النبي صلى الله عليه وسلم مقدَّم، فلا اجتهاد مع النَّص؛ لأننا منهيّون عن التشبّه بهم.والعلَّة قد تكون منصوصة، وقد تكون مستنبطة، وهي هنا منصوصة، والمستنبطة قد تكون ظاهرة، وقد تكون خفيّة، وقـد لا تُعلم العلَّة، فيكون الحكم تعبُّديًا، كما ذكر الأصوليون.


الشرح