وأيضًا ففي «الصحيحين» ([1]) عن الزُّهريّ، عن
سعيدِ بنِ المسيّب، قال: البَحِيرةُ: التي يَمنعُ درُّها للطَّواغيتِ فلا
يحلُـبُها أحدٌ من النّاس، والسّائبةُ: كانوا يُسيِّبونها لآلهتهم، لا يُحمل عليها
شيءٌ، وقال: قال أبو هريرة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «رَأَيْتُ عَمْرَو
بْنَ عَامِرِ بْنِ لُحَيٍّ الْخُزَاعِيَّ يَجُرُّ قُصْبَهُ فِي النَّارِ وَكَانَ
أَوَّلَ مَنْ سَيَّبَ السَّوَائِبَ».
وروى مسلم ([2]) من حديث سهيل بن
أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: «رَأَيْتُ عَمْرَو بْنَ لُحَيِّ بْنِ قَمَعَةَ بْنِ خِنْدِفَ أَخَا بَنِي
كَعْبٍ هَؤُلاَءِ، يَجُرُّ قُصْبَهُ فِي النَّارِ»، وللبخاري ([3]) من حديث أبي
صالح، عن أبي هريرة، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «عَمْرَو بْنَ
لُحَيِّ بْنِ قَمَعَةَ بْنِ خِنْدِفَ أَبُو خُزَاعَةَ».
***
قوله: «البحيرة التي يمنع درها...» هذا من عادات أهل الجاهلية، حيث ذكر الله ذلك فقال: ﴿مَا جَعَلَ ٱللَّهُ مِنۢ بَحِيرَةٖ وَلَا سَآئِبَةٖ وَلَا وَصِيلَةٖ وَلَا حَامٖ﴾ [المائدة: 103] أنواعًا من بهيمة الأنعام، كانوا في الجاهلية يحرِّمون أكلها وركوبها، ويحرِّمون ألبانها تعظيمًا للأصنام، وهذا الفعل من عِند أنفسهم ليس معهم برهان عليه، والله عز وجل قد جعل الأصل في بهيمة الأنعام الـحِلّ إلاَّ ما استثنى من ذلك، فقال: ﴿أُحِلَّتۡ لَكُم بَهِيمَةُ ٱلۡأَنۡعَٰمِ إِلَّا مَا يُتۡلَىٰ عَلَيۡكُمۡ﴾ [المائدة: 1]، في قوله سبحانه:
([1])أخرجه: البخاري رقم (3521)، ومسلم رقم (2856).