﴿حُرِّمَتۡ عَلَيۡكُمُ ٱلۡمَيۡتَةُ وَٱلدَّمُ وَلَحۡمُ ٱلۡخِنزِيرِ وَمَآ أُهِلَّ لِغَيۡرِ ٱللَّهِ بِهِۦ وَٱلۡمُنۡخَنِقَةُ وَٱلۡمَوۡقُوذَةُ وَٱلۡمُتَرَدِّيَةُ وَٱلنَّطِيحَةُ وَمَآ أَكَلَ ٱلسَّبُعُ﴾ [المائدة: 3]. فهذه هي المحرّمات من بهيمة الأنعام؛ لأنها لم تذكَّ ذكاةً شرعية. وأهل الجاهلية حرَّموا أشياء من عند أنفسهم: فمنها البحيرة: قيل: البحيرة من البحر وهو الشَّق؛ لأنهم يشقُّون آذانها علامة على أنها للأصنام ويجعلون ألبانها لأصنامهم. وأما السائبة: فهي التي كانوا يُسيّبونها من الإبل والبقر والغنم، فلا ينتفعون بها ولا يأذنون لأحد أن ينتفع بها، ويجعلونها مسيَّبة للأصنام تعظيمًا لها، فلا يتعرّض لها أحد. وأما الوصيلة: فهي التي يُحدِّدون نتاجها بأن تلِد عدّة مرات، فإذا بلغت حدًّا في الإنتاج فإنهم يحرِّمون ظهورها من أن تركب، وألبانها أن تشرب؛ لأنها واصلت الولادة إلى الحد الذي حدُّوه، وهذا من خرافاتهم وجهلهم. وأما الحامي: فهو الجمل الذي إذا بلغ ضرابًا معيّنًا سيَّبوه لأصنامهم، ويقولون: حمى ظهره من الركوب، وكل هذا يفعلونه تعظيمًا للأصنام وتقرّبًا لها، وافتراءً على الله جل وعلا فإن الله لم يحرِّم هذه الأشياء، وإنما حرّموها من عند أنفسهم: ﴿قَدۡ خَسِرَ ٱلَّذِينَ قَتَلُوٓاْ أَوۡلَٰدَهُمۡ سَفَهَۢا بِغَيۡرِ عِلۡمٖ وَحَرَّمُواْ مَا رَزَقَهُمُ ٱللَّهُ ٱفۡتِرَآءً عَلَى ٱللَّهِۚ قَدۡ ضَلُّواْ وَمَا كَانُواْ مُهۡتَدِينَ﴾ [الأنعام: 140]، فالله جل وعلا أباح بهيمة الأنعام، بشرط أن تُذكَّى ذكاة شرعية، فلا أحد يحرّم شيئًا أحله الله. ومن جهة أخرى إذا كان هذا من باب التعظيم للأصنام، فهو شرك أكبر وتقرب إلى الأصنام بهذه الأشياء التي خصُّوها بآلهتهم.