×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الثاني

قوله صلى الله عليه وسلم: «رَأَيْتُ عَمْرَو بْنَ لُحَيِّ بْنِ عَامِرٍ الْخُزَاعِيَّ يَجُرُّ قُصْبَهُ فِي النَّارِ...» عمرو بن لُحي الخزاعي هذا كان ملكًا على الحجاز، وكان متنسِّكًا متعبِّدًا، ثم إنَّه ذهب إلى الشام، فوجدهم يعبدون الأصنام، فأعجبه ذلك واستحسنه، ثمّ جلب الأصنام إلى أرض الحجاز، ونصبها عند الكعبة لتُعبد من دون الله، وهو أول من سيّب السوائب من بهيمة الأنعام، وأول من غيَّر دين إبراهيم عليه السلام؛ لأنهم كانوا قبل ذلك على دِين إبراهيم عليه السلام. ثم انتشرت الوثنية في أرض الحجاز من ذلك التاريخ، إلى أن بُعث محمد صلى الله عليه وسلم، فدعا إلى الله، وأعاد ملّة إبراهيم، وحطم الأصنام، ونشر العقيدة الصحيحة، وقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم عمرو بن لُحي هذا وهو صلى الله عليه وسلم قائم في صلاة الكسوف يصلي بأصحابه، فتقدّم وتأخّر وهو يصلّي، ثم أخبرهم عن سبب ذلك، أنَّه رأى الجنة وما فيها من النعيم، وأنَّه أراد أن يأخذ منهـا قِطفًا، حيث قال: «وَلَوْ أَخَذْتُهُ لَأَكَلْتُمْ مِنْهُ مَا بَقِيَتِ الدُّنْيَا» ([1]). ورأى النار وأهلها يعذبون فيها فتأخّر، خوفًا منها، ورأى فيها عمرو بن لُحيّ يجرُّ قُصْبَه، أي: أمعاءه في النار؛ لأنَّه أول من غيَّر دين إبراهيم عليه السلام وسيَّب السوائب. فعلَّةُ إنكار فعل المشركين من تسييب السوائب أنَّه تحريم لما أحلَّ الله، وأنه تقرّب إلى الأصنام، وهذا نوع من أنواع الشرك؛ لأنَّ الذبح لغير الله، أو حبس الأموال والأوقاف على الأصنام شرك وكفر، وتحريم لما أحلَّ الله.


الشرح

([1])أخرجه: البخاري رقم (7480)، ومسلم رقم (907).