وروى سعيد
بن منصور في «سُننه»: حدثنا أبو عُوانة، عن مغيرة، عن عامر الشعبي: أنَّ رسول الله
صلى الله عليه وسلم اهتمَّ بأمر الصلاة اهتمامًا شديدًا، ليتبيَّن ذلك فيه، وكان
فيما اهتمَّ به من أمر الصلاة أن ذُكر الناقوس، ثم قال: «هُوَ مِنْ فِعْلِ
النَّصَارَى»، ثم أراد أن يبعث رجالاً يُؤذِنون الناس بالصلاة في الطرق، ثم قال:
«أكره أن أشغل رجالاً عن صلاتهم بأذان غيرهم» وذكر رؤيا عبد الله بن زيد. ويشهد
لهذا ما أخرجاه في «الصحيحين» ([1])، عن أبي قلابة،
عن أنس، قال: لـمّا كثرُ النّاس، ذكروا أن يُعلِّموا وَقتَ الصّلاةِ بشيءٍ
يعرفونه، فذكروا أن يُنوِّروا نارًا، أو يَضْرِبوا ناقوسًا، فأمِرَ بلالٌ أن
يَشفَع الأذانَ، ويوترَ الإقامَة.
***
صارت تشريعًا لأنَّ
رسول الله صلى الله عليه وسلم أقرَّها وعمل بها، لا لمجرد أنها رؤيا، فلا ينبني
حكم على رؤيا بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لأنَّ الدين قد كمُل قبل وفاته
صلى الله عليه وسلم، قَال َ تَعَالَى: ﴿ٱلۡيَوۡمَ أَكۡمَلۡتُ لَكُمۡ دِينَكُمۡ﴾ [المائدة: 3]، فلا
يأتِ أحد بعد ذلك بزيادات ويقول: إنَّ هذه خير وإنها دين.
قوله: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اهتم بأمر الصلاة اهتمامًا شديدًا...» هذا الحديث كالذي قبله، لكن فيه زيادة، حيث فكر رسول الله صلى الله عليه وسلم في أن يرسل إلى الناس من يدعوهم للحضور للصلاة، ثم إنَّه خشي المشقة على الناس وإشغالهم عن صلاتهم، وبناءً على ذلك، فإنه اكتفى بالأذان، فلا يسوغ أن يقول المؤذن للناس: صلُّوا، صلُّوا؛ لأنَّه يكفي سماعهم للأذان، والـمُتخلِّف يُتّخذ معه الإجراء المناسب حتى
([1])أخرجه: البخاري رقم (606)، ومسلم رقم (378).