×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الثاني

قوله: «فتشبّهوا بعمرو بن لحي، وكان عظيم...» خلاصة الأمر: أنَّ الله أمر إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام ببناء البيت على توحيد الله، واستقرت عقيدة التوحيد في أرض الحجاز، وكان إسماعيل قد خلف أباه عليهما الصلاة والسلام في إقامة هذه الملَّة وهذه الشريعة الحنيفية، فكانت ولاية البيت بيد إسماعيل عليه السلام، ثم تعاقب عليها قبائل، منهم قبيلة جُرهم وخُزاعة، إلى أن آلت إلى قريش، وعادت إلى أصلها في بني إسماعيل، ولكن تغيَّر دِين إبراهيم على يد عمرو بن لحي - كما سبق بيانه - واستمر هذا التغيير في عهد الجاهلية، حيث انتشرت الوثنية وعبادة الأصنام، بسبب ما خلَّفه عمرو بن لُـحيّ، حتى بعث الله محمدًا صلى الله عليه وسلم، فأعاد الملَّة الحنيفية ودين إبراهيم عليه الصلاة والسلام، وأبطل دين الشرك ودين الجاهلية وحطَّم الأصنام عام الفتح. والحاصل: أنَّ عمرو بن لُـحيّ لما تشبّه بعبدة الأصنام الذين لقيهم بالبلقاء من أرض الشام وقع في الكفر، واستحق اللعنة، واستحق العذاب الأليم والعياذ بالله، والنبيُّ صلى الله عليه وسلم إنما ذكر لنا هذه القصة لأجل الاتعاظ، ولأجل الحذر من أن نتشبّه بالكفار، أو نستحسن شيئًا من دينهم، أو نقلِّدهم في شعائر دينهم، وهذا الفعل هو من أقبح أنواع التشبّه؛ لأنه تشبُّه في أمور الدين والعقيدة، ثم يأتي ما هو دون ذلك وهو التشبّه بهم في عاداتهم وزيهم وشكلهم، وهذا أيضًا يجب الابتعاد عنه والاستغناء بما شرعه وأباحه الله لنا في كتابه وعلى لسان نبيه صلى الله عليه وسلم.


الشرح