فَمَا كَانَ لِشُرَكَآئِهِمۡ فَلَا يَصِلُ إِلَى ٱللَّهِۖ﴾ [الأنعام: 136] وقيل: المعنى أنَّ الله بريء من الشرك، قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «قَالَ اللهُ تبارك وتعالى: أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ، مَنْ عَمِلَ عَمَلاً أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِي تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ» ([1])، فالله غني عما جعلوه له، فما كان لله فهو يصل إلى شركائهم، وما كان لشركائهم فلا يصل إلى الله؛ لأنَّ الله بريء منه. ويتقرّبون إلى الأصنام أيضًا بقتل أولادهم، قَال َ تَعَالَى: ﴿وَكَذَٰلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٖ مِّنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ قَتۡلَ أَوۡلَٰدِهِمۡ شُرَكَآؤُهُمۡ لِيُرۡدُوهُمۡ وَلِيَلۡبِسُواْ عَلَيۡهِمۡ دِينَهُمۡۖ﴾ [الأنعام: 137] فهم يقتلون الأولاد لأمور ثلاثة: إما أنهم يقتلون الأولاد ذكورًا وإناثًا تقرّبًا إلى الأصنام، وإمّا أنهم يقتلون الأولاد ذكورًا وإناثًا خشية الفقر، وإما أنهم يقتلون الإناث فقط خشية العار، وهذا من أمور الجاهلية؛ لأنَّه لا يجوز قتل النفس بغير حق، ولأنَّ قتل الإنسان لولده فيه قطيعة رحم وارتكاب كبيرة من كبائر الذنوب. ثم إنَّ الذي يحرِّم الحلال قد تشبّه بأهل الجاهلية، ومثاله الذي يحرّم على نفسه الحلال من باب التعبّد والزهد، وهذا أمر لا يجوز شرعًا، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم للنفر الثلاثة الذين حرّموا على أنفسهم ما أحل الله لهم: «لَكِنِّي أُصَلِّي وَأَنَامُ، وَأَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي» ([2])، فدلَّ على أنَّ الذي يحرِّم شيئًا من الحلال من باب التقرّب إلى الله، فقد تشبّه بأهل الجاهلية، سواء قصد ذلك أو لم يقصده، لكن إذا قصده فهو أشد.