×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الثاني

 وحي في ذلك، فأشار عليه بعض أصحابه أن ينصب راية - يعني: علمًا فوق مرتفع - فإذا رأوه جاؤوا، فلم يستحسن النبيُّ صلى الله عليه وسلم ذلك، ثم أشاروا عليه أن يستعمل البوق، وهو شيء ينفخ فيه فيُصدر صوتًا، فقال: «إنَّ هذا لليهود»، وذكروا له الناقوس - وهو شيء يُضرب عليه فيكون منه صوتًا، وهو الذي يستعمله النصارى لصلواتهم - فقال: «إنّه للنصارى»، يعني: ونحن منهيّون عن التشبّه باليهود والنصارى، والنبيُّ صلى الله عليه وسلم إنما يتبع ما أنزل إليه من ربه، ويتوقّف في الأشياء التي لم ينزل فيها وحي. وفي هذا الحديث من الفائدة: أنه يجب على أهل العلم عدم التسرع في الفتاوى، والقول في الدين ما لم يكن عليه دليل من كتاب الله وسُنَّة رسوله صلى الله عليه وسلم، فها هو النبيُّ صلى الله عليه وسلم، توقّف واستشار أصحابه، فلو أنَّ متعلمينا وعلماءَنا سلكوا هذا المنهج العظيم - وهو التشاور فيما بينهم في قضايا الأمة المسلمة- لكان في ذلك الخير الكثير، فالرسول صلى الله عليه وسلم توقّف في هذه القضية مع اهتمامه بها، واستشار أصحابه فيها. وكان عبد الله بن زيد بن عبد ربه الأنصاري رضي الله عنه مهتمًّا لهمِّ النبي صلى الله عليه وسلم، فرأى رؤيا، رأى رجلاً معه بوق، فقال: أعطنيه، قال: وما تصنع به؟ قال: ندعو به إلى الصلاة، ورأى رجلاً معه ناقوس، فطلبه منه، وقال: أريد أن أدعو به إلى الصلاة، قال: ألا أدلك على ما هو خير من ذلك؟، قال: بلى، ثم أتى بألفاظ الأذان من أولها إلى آخرها: الله أكبر أربع مرات، وشهادة أن لا إله إلاَّ الله مرتين، وشهادة أن محمدًا رسول الله مرتين، وحي على الصلاة مرتين، وحي على


الشرح