×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الثاني

 الفلاح مرتين، ثم الله أكبر، الله أكبر، ثم يختم بلا إله إلاَّ الله. فهذه خمس عشرة جملة، فيها ذكر الله وتعظيمه جل وعلا والدعوة إلى الصلاة وإلى الفلاح، ثم جاء عبد الله بن زيد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبره بما رأى في منامه، فقال: «إِنَّ هَذَا رُؤْيَا حَقٍّ إِنْ شَاءَ اللهُ، فَقُمْ مَعَ بِلاَلٍ فَأَلْقِ عَلَيْهِ مَا رَأَيْتَ فَلْيُؤَذِّنْ بِهِ؛ فَإِنَّهُ أَنْدَى صَوْتًا مِنْكَ» ([1])، وهذا فيه أنه يستحب في المؤذن أن يكون نديّ الصوت - أي: حسن الصوت - وأن يكون جَهْوري الصوت؛ لأنَّ هذا هو المقصود من الأذان وذكر الشيخ رحمه الله أنَّ الأنصار قالوا: إنَّ عبد الله بن زيد كان مريضًا، ولا يستطيع الأذان، ولولا ذلك لجعله النبيُّ صلى الله عليه وسلم هو المؤذن، ولكن اللفظ الوارد عن الرسول صلى الله عليه وسلم التعليل بغير هذا، وهو نداوة صوته وحسنه وجهوريته. فلما سمع عمر بن الخطاب رضي الله عنه الأذان جاء يشتد، وقال: يا رسول الله، إني رأيت مثل ذلك، يعني: فتكون هذه الرؤيا تواطأت، أي: من أكثر من شخص. والغرض من الإتيان بهذه القصة: بيان مخالفة اليهود والنصارى في أمور دِينهم؛ لأنَّ التشبّه بهم في الظاهر يدلّ على محبتهم في الباطن، ولأنَّ التشبّه بهم في العبادات يقضي على السنن، ويحل البدع، فلذلك امتنع النبيُّ صلى الله عليه وسلم من ذلك، وأبدلنا الله بفضله ومنّته ما هو خير من هذه الوسائل، فالبوق والناقوس كلاهما فيه نغم وتطريب ولهو، فأبدلنـا الله منهما بهذه الكلمات الطيبات التي هي


الشرح

([1])أخرجه: أبو داود رقم (499)، والترمذي رقم (189)، وابن ماجه رقم (706)، وأحمد رقم (16478).