وهو يقتضي كراهية
هذا النوع من الأصوات مطلقًا في غير الصَّلاة أيضًا؛ لأنَّه من أمر اليهود
والنَّصارى، فإنَّ النَّصارى يضربون بالنواقيس في أوقات متعدِّدة غير أوقات
عباداتهم، وإنما شِعار الدِّين الحنيف الأذان المتضمّن للإعلان بذكر الله، الذي به
تُفتح أبواب السّماء، فتهرب الشّياطين، وتنزل الرحمة.
***
شريعتنا ناسخة لما
قبلها، وهذه مسألة معروفة عند الأصوليين وهي: هل شرع مَن قبلنا شرع لنا؟
في ذلك خلاف بين أهل العلم. والراجح: التفصيل، وهو أنَّ ما أقرَّه شرعنا
فهو شرع لنا، وما أنكره شرعنا فليس شرعًا لنا، وما سكت عنه شرعنا، فهذا هو محل
الخلاف.
يعني: أنّ منع النواقيس والأبواق ليس مقتصرًا على النداء للصلاة، وإنما هو ممنوع مطلقًا؛ لأنَّه من اللهو واللعب ومن عمل اليهود والنصارى، وفي هذا ردٌّ على الصوفيّة الذين يتّخذون آلات اللهو والطبول عبادة، فيضربون الطبول في حِلَقهم وتجمّعاتهم، ويعتبرونه ذكرًا لله عز وجل تعالى الله عن ذلك، بل هو من اللهو واللعب، فيكونون من الذين اتخذوا دينهم لهوًا ولعبًا، فإذا كان الواجب على المسلم ترك آلات اللهو في غير العبادات، فمن باب أولى في العبادات التي يُتقرب بها إلى الله عز وجل فهذا الفعل من دين الشيطان الذي لم يشرعه الله ولا رسوله. ثم إنَّ هناك فرقًا بين ذكر الله وترديده وبين أصوات آلات اللهو والطرب، فالذكر والعبادات التي شرعها الله تُـحيي القلوب، وتنوِّر البصائر، وفيهـا أجـر عظيم، أما آلات اللهو واللعب، فإنهـا تقسِّي القلوب، وتصدّ عن ذكر الله، وتنبت النفاق في القلب، ولها