والإجماع على قسمين:
الأول: إجماع قطعي، وهو
الإجماع القولي، بأن تتوارد أقوال علماء العصر على تحريم أو إباحة شيء.
والثاني: إجماع ظني وهو
الإجماع السكوتي، وهو أن يفتي أحدهم أو بعضهم، ثم يسكت الآخرون بعد أن تبلغهم
الفتوى، دون أن ينكروها، وهو أقل منزلة من النوع الأول. والأصل في الإجماع أنه حجة
قاطعة لا يجوز مخالفته، بدليل قوله تعالى: ﴿وَمَن يُشَاقِقِ ٱلرَّسُولَ مِنۢ بَعۡدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ ٱلۡهُدَىٰ
وَيَتَّبِعۡ غَيۡرَ سَبِيلِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ نُوَلِّهِۦ مَا تَوَلَّىٰ وَنُصۡلِهِۦ
جَهَنَّمَۖ﴾ [النساء: 115]، فقوله: ﴿وَيَتَّبِعۡ غَيۡرَ سَبِيلِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ﴾ هذا دليل للإجماع،
فما أجمع عليه المسلمون إجماعًا قوليًّا فإنه حجة قاطعة، ولقد قال صلى الله عليه
وسلم: «وَأَنْ لاَ تَجْتَمِعُوا عَلَى ضَلاَلَةٍ» ([1])، والإجماع لا بُدَّ
أن يكون له دليل من الكتاب والسُّنّة، لكنه قد يخفى على كثير من الناس.
قوله: «من ذلك أنَّ
أمير المؤمنين عمـر والصّحابة رضي الله عنهم أجمعين ثم عامة الفقهاء بعده...»
يعني: دلَّ الإجماع على تحريم التشبّه بالكفار؛ لأنَّ عمر رضي الله عنه في خلافته
وضع شروطًا لأهل الذمة يلتزمون بها، لتكون علامة فارقة بينهم وبين المسلمين، وسواء
كان ذلك في لباسهم، أو ركوبهم، وغير ذلك مما سيأتي بيانه فيما بعد، ووافق عليها
سائر الفقهاء واعتمدوها، منها:
1- التزام أهل الذمة «أن نوقر المسلمين، ونقوم لهم من مجالسنـا
([1])أخرجه: أبو داود رقم (4253)، والطبراني في «الكبير» رقم (3440).