×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الثاني

 وقتل الأسرى في بدر وعدم قبول الفدية منهم، فله موافقات كثيرة مما يدلّ على فضله وحنكته وفراسته الصادقة، وسياسته الموفَّقة في خلافته رضي الله عنه، ومن ذلك أنَّه فطِن لمسألة جعل الصخرة بين يديه؛ لأنه لو جعل الصخرة بينه وبين الكعبة لأوهم ذلك أنَّه يستقبل الصخرة، فتجنب هذا الشيء دفعًا لهذا الإيهام.

قوله: «فإنه رضي الله عنه هو الذي استحالت ذَنُوبُ الإسلام بيده غرْبًا...» النبيَّ صلى الله عليه وسلم رأى في منامه أنَّ أبا بكر ينزع وفي نزعه ضعف، وليس هذا لقلة فضله وجهاده رضي الله عنه، ولكن لقصر مدّته في الخلافة، فإنَّ خلافته دامت سنتين وأشهرًا، في خلالها ثبت الإسلام ودعائم الدولة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، لا سيما بعد حروب الرِّدّة، فلم يتح له من الفتوحات كما أتيح في عهد عمر. فلما جاء عمر رضي الله عنه وهو الرجل القوي الـمُهاب، واصل الجهاد في سبيل الله حتى فتح الله على يديه المشارق والمغارب، فاستحالت ذَنوب الإسلام - والذنوب: هو الدلو الذي يستسقى من البئر - بيده غربًا، ولا شكَّ أنَّ الغرب أكبر من الذنوب، فهي تحمل ماءً كثيرًا، فشرب الناس وارتووا وبركوا بوطن، وهذا تشبيه بالإبل إذا رويت، وهذا تشبيه بليغ لقوة سياسة عمر رضي الله عنه، وحنكته وبعد نظره للأمّة؛ ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لم أرَ عبقريًّا - والعبقري: هو الداهية - يفري فريه» يعني: لم أرَ مثله في الحذاقة والقوة.

قوله: «فأعزَّ الله به الإسلام، وأذلَّ الكفر وأهله...» لأنه هو الذي فتح المشارق والمغارب، ونشر الإسلام، وأذلَّ الله به أهل الكفر


الشرح