واليهود والنصارى، حتى أعطوا الجزية عن يد وهم
صاغرون، فغدت دولة الإسلام في عهده واسعة عزيزة مرهوبة الجانب، فانطبق عليه قول
النبي صلى الله عليه وسلم: «الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى
اللهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ، وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ» ([1]).
قوله: «ومنع من كل أمر
فيه تذرع إلى نقض عرى الإسلام...» يعني: أنَّ من حِذقه رضي الله عنه أنَّه منع
كل أمرٍ يكون وسيلةً إلى نقض عُرى الإسلام، حرصًا منه على سدّ الذرائع التي تُفضي
إلى كل محظور أو شرك أو محرّم.
ومن المعلوم أنَّه
لا يأتي بشيء من عنده في سياسته وآرائه وأوامره ونواهيه، وإنما هو وقَّاف عند كتاب
الله وسُنَّة رسوله صلى الله عليه وسلم، لا يجاوزهما مع فهمٍ لمقاصد الشريعة
وأهدافها، كان وقَّافًا عند كتاب الله، ممتثلاً لسُنَّة رسول الله صلى الله عليه
وسلم، ومما يدلّ على وقوفه عند كتاب الله وسُنَّة رسوله أنَّه كان إذا غضب وذُكِّر
بالله أمسك ولم يتجاوز كتاب الله وسنة رسوله.
قوله: «محتذيًا حذو
صاحبيه» يعني: رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبا بكر رضي الله عنه.
قوله: «مشاورًا في أموره للسابقين الأوّلين...» يعني: أنَّ من حُسن سياسته رضي الله عنه أنَّه لم يكن يستبد بالأمر، وإنما يستشير أهل الفضل والعلم، وأهل السابقة في الإسلام، فكان يستشير كبار المهاجرين والأنصار إذا حزبه أمر، أو وقعت واقعة، أو استجدّت قضية، كاستشارته بقية العشرة
([1])أخرجه: مسلم رقم (2664).