وغيرهم من الصحابة: كأُبيّ بن كعب، ومعاذ بن
جبل، والعبادلة: عبد الله بن مسعود، وعبد الله بن عباس رضي الله عنهم، وزيد بن
ثابت الأنصاري كاتب الوحي والكاتب للرسول صلى الله عليه وسلم؛ لأنَّ هؤلاء لهم سابقة
في الإسلام، وهم أثبت قدمًا في الإسلام والعلم من غيرهم، فكان يستشيرهم - وكذلك
غيرهم - لا لذواتهم ولا مجاملة لهم، وإنما لما لهم من الفضل وسداد الرأي، والعلم
والفقه، والتقوى لله عز وجل وهكذا ينبغي للولاة أن يستشيروا أهل العلم والفضل.
قوله: «حتى إنَّ العمدة
في الشروط على أهل الكتاب على شروطه...» فالذين جاؤوا من بعد عمر رضي الله عنه
مشوا على طريقته في الشروط على أهل الكتاب، وهذا يدلُّ على فقهه، وحصافة رأيه
وموافقته للكتاب وللسُّنَّة.
ومن حسن سياسته رضي
الله عنه: منع تولية الكفار شؤون المسلمين الخاصة، والتي تشتمل على أسرارهم، لذلك
لا يجعل الكافر وزيرًا أو مستشارًا عند وليّ الأمر، ولكن لا مانع أن يُستأجر
الكافر لعمل من الأعمال، كما استأجر النبيُّ صلى الله عليه وسلم عبد الله بن أريقط
ليدلّه على الطريق وقد كان كافرًا، فلا مانع من الاستفادة من خبرات الكفار، لكن لا
يُمكَّنون من شؤون المسلمين وأسرارهم، لأنهم لا يؤمن جانبهم، قَال َ تَعَالَى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ
ءَامَنُواْ لَا تَتَّخِذُواْ بِطَانَةٗ مِّن دُونِكُمۡ لَا يَأۡلُونَكُمۡ خَبَالٗا وَدُّواْ مَا عَنِتُّمۡ قَدۡ بَدَتِ ٱلۡبَغۡضَآءُ مِنۡ أَفۡوَٰهِهِمۡ
وَمَا تُخۡفِي صُدُورُهُمۡ أَكۡبَرُۚ قَدۡ بَيَّنَّا لَكُمُ ٱلۡأٓيَٰتِۖ إِن
كُنتُمۡ تَعۡقِلُونَ﴾ [آل عمران: 118]، فعمر رضي الله عنه لم يتخذ من هؤلاء