ٱلسَّمِيعُ ٱلۡبَصِيرُ﴾ [الإسراء: 1]، وأما
المعراج، فمذكور في سورة النجم، حيث قال الله تعالى: ﴿وَلَقَدۡ رَءَاهُ نَزۡلَةً أُخۡرَىٰ ١٣ عِندَ سِدۡرَةِ ٱلۡمُنتَهَىٰ ١٤ عِندَهَا جَنَّةُ ٱلۡمَأۡوَىٰٓ ١٥ إِذۡ يَغۡشَى ٱلسِّدۡرَةَ مَا يَغۡشَىٰ ١٦ مَا زَاغَ ٱلۡبَصَرُ وَمَا طَغَىٰ ١٧ لَقَدۡ رَأَىٰ مِنۡ ءَايَٰتِ رَبِّهِ ٱلۡكُبۡرَىٰٓ﴾ [النجم: 13- 18].
وأما وسيلة نقله صلى الله عليه وسلم من مكة المشرَّفة إلى القدس، فهي البراق، وهي
دابة، ليست من جنس دوابِّنا، وإنما هي دابَّة سريعة العدو، تضع حافرها عند منتهى
بصرها، أو عند منتهى طَرْفها، فركب صلى الله عليه وسلم البراق وسارت به حتى وصلت
به إلى بيت المقدس، وهناك ربط هذه الدابة في المكان الذي كانت تربط فيه الأنبياء؛
لأنَّ سُنَّة الأنبياء واحدة، ثم دخل وصلّى في بيت المقدس، قبل أن يعرج به، ثم
عُرج به إلى السماوات العلى، ثم نزل وصلَّى أيضًا بالأنبياء، حيث جمعهم الله له
وصلّى بهم، ثم رجع إلى مكة في ليلة واحدة، فكانت معجزة من معجزاته صلى الله عليه
وسلم، فمن جحد الإسراء أو المعراج فإنَّه يكفر بالله عز وجل لأنه منكر لِـما في
كتاب الله وسُنَّة رسول الله، وما أجمع عليه المسلمون. ولقد أُسري به صلى الله
عليه وسلم يقظةً لا منامًا، وأُسري بروحه وجسمه، أي: لم يكن الإسراء بالروح دون
الجسم، ولم يكن منامًا - يعني: حُلمًا - وإنما كان يَقَظَه وحقيقة. وإنما ذكر
الشيخ هذا من باب الاستفاضة في هذه المسألة لما ذكر فيها من صلاة النبي صلى الله
عليه وسلم في بيت المقدس.
قوله: «وقد كان حذيفة بن اليمان ينكر أن يكون صلّى فيه...» فهو معذور؛ لأنَّه لم يبلُغه الحديث، ولو بلغَه لم يكن له أن يخالفه رضي الله عنه، فهذا من باب الاعتذار عن حذيفة رضي الله عنه، والحجة فيما ثبت، لا فيما قاله أو رآه الصحابي إذا كان يخالف ما ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم.