وفُهر اليهود، بضم الفاء: مدارسهم، وأصلها «بُـهَرو»، وهي عبرانية فعرِّبت، هكذا ذكـره الجوهري، وكذلك ذكـر ابن فارس وغيره: أنَّ فُهر اليهود: مدارسهم، وفي «العـين» عن الخليل بن أحمد أنَّ فُهـر اليهود: مدارسهم.وسنذكر عن عليّ رضي الله عنه من كراهة التكلم بكلامِهم ما يؤيد هذا. وأما ما في الحديث المذكور من النهي عن تغطية الفم، قد علَّله بعضهم بأنَّه فِعل المجوس عند نيرانهم التي يعبدونها. فعلى هذا تظهر مناسبة الجمع بين النهي عن السَّدل، وعن تغطية الفم، بما في كل منهما من مشابهة الكفار. مع أنَّ في كل منهما معنًى آخر يوجب الكراهة، ولا محذور في تعليل الحكم بعلَّتين. فهذا عن الخلفاء الراشدين، وأما سائر الصحابة رضي الله عنهم فكثير، مثـل ما قدّمنـا عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما: أنَّه لما دُعي إلى وليمة فرأى شيئًا من زيّ العجم خرج، وقال: من تشبّه بقوم فهو منهم. وروى أبو محمد الخلاَّل بإسناده، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: سأله رجل، أحْتَقِنْ؟ قال: احتقن لا تبدِ العورة، ولا تَستنَّ بسُنَّة المشركين. فقوله: لا تَستنَّ بسُنَّة المشركين عام. وقال أبو داود ([1]): حدثنا الحسن بن علي، حدثنا يزيد بن هارون، أنبأنا الحجاج بن حَسّان، قال: دخلنا على أنس بن مالك، فحدثني أخي المغيرة، قال: وأنت يومئذٍ غلام ولك قَرْنان أو قُصَّتانِ، فمسح رأسك وبَرَّك عليك، وقال: احلِقوا هذين أو قُصُّوهما، فإنَّ هذا زيُّ اليهود. علل النهي عنهما بأنَّ ذلك زيُّ اليهود، وتعليل النَّهي بعلَّة يوجب أن تكون العلة مكروهة، مطلوب عدمها، فعُلم أنَّ
([1])أخرجه: أبو داود رقم (4197)، والبيهقي في «الشعب» رقم (6065).