×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الثاني

 كانوا يهودًا أو نصارى أو مجوسًا أو دهريّين، أو غير ذلك من سائر الكفرة والمشركين، فيؤخذ من مجموع هذه الآثار والأدلة قاعدة عظيمة، وهي منع التشبّه بغير المسلمين لما يجرُّه ذلك من تنقُّص الإسلام، والإسلام كامل، فإذا جلبنا إليه عادات وتقاليد ومظاهر وشعارات كفر، طغت على شعائر الإسلام، واختلط الحق بالباطل، وهذا الفعل فيه اتِّهام للإسلام بأنَّه ناقص ونكمِّله بما نجلبه من عادات أهل الكفر. وحقيقة الأمر أنَّ الإسلام دين كامل ارتضاه الله لنا، فإن حصل من المسلمين نقص أو خطأ، فليس هو من قِبل الإسلام، وإنما هو من قِبل تقصير من قصّر من المسلمين، ولا يُنسب إلى الإسلام، كما قال الشاعر:

لئن كان ذنبُ المسلمِ اليوم جهله*** فماذا على الإسلام مِن جهل مسلمِ

قوله: «وما مِن أحد له أدنى نظر في الفقه إلاَّ وقد بلغه من ذلك طائفة...» يعني: لا أحد من أهل العلم يجهل أنَّه نُهي عن مشابهة المشركين، وما من أحد من العلماء إلاَّ وقد بلغه نصوص في هذا الأمر، مما لا يترك مجالاً للشك في أننا مطلوب منَّا مخالفة المشركين، وعدم التشبّه بهم، وهذا مـما يُبقي للمسلمين عزتهم وقوتهم واستقـلال شخصيتهم عن غيرهم. فالمقصود: أنَّ الله تعالى أكمل لنا الدين، وأتمّ علينا النعمة، ورضي الإسلام لنا دينا، وهذا الدين فيه السعادة في الدنيا والنجاة في الآخرة، لأن الله ما فرط فيه من شيء، فعلام نترك الأكمل، ونركض خلف الأدنى والله يقول: ﴿وَأَنتُمُ ٱلۡأَعۡلَوۡنَ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ [آل عمران: 139] ؟ نعم نحن الأعلى إن حقّقنا هذا الشرط، أما مجرد الانتساب


الشرح